ومعروف أن من عادة اليهود إطلاق تسميات خاصة على من يخالفهم في الدين وإلى يومنا هذا، وذلك لتمييز أنفسهم. يقول الدكتور جواد علي :>ولا يعقل أن يكون اليهود أو غيرهم قد أطلقوا الأمية على العرب، بسبب جهل العرب الكتابة والقراءة ـ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ـ فقد كان سواد يهود ونصارى جزيرة العرب أميّاً أيضاً، لا يقرأ ولا يكتب، إلا أن القرآن الكريم أخرجهم من الأميين، واستثناهم، وأطلق عليهم (أهل الكتاب)، وذلك يدل دلالةً واضحةً على أن المراد من (الأميين) العرب الذين ليس لهم كتاب، أي العرب الذين لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، لا من لا يحسن الكتابة والقراءة. والقرآن الكريم هو الذي هدانا إلى لفظة (الأميين)، فلم ترد اللفظة في نص من نصوص الجاهلية وبفضله أيضاً عرفنا مصطلح (أهل الكتاب) دلالةً على أهل الديانتين<(١).
بل إن قوله تعالى :﴿ ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ﴾(٢). لا يفيد معنى الأمية بالكتابة والقراءة، رغم أن المقصود به اليهود. وتتضح الصورة أكثر مع قوله تعالى مبيناً مهمة الرسول والهدف من بعثته في سورة الجمعة :﴿ هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾. فهل يصح لأحد أن يدعي أن الأمية هنا، معناها الجهل بالكتابة والقراءة، وأن الرسول ﷺ، قد بعث ليعلم الناس القراءة والكتابة، لأنه عز وجل قال إنهم أميون، وأنه ﷺ جاء يعلمهم الكتاب !