... قلت: وإنما نقلت هذا النص بطوله لأنه يذكر أقوالاً متعددة الأزمنة بينها شيء من البعد، والظاهر منها أن كلمة لحن بمعنى الخطأ كانت معروفة في القديم يدل على هذا ما ذكره ابن الجوزي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه إن كاتبك الذي كتب إلي لحن فاضربه سوطا(١).
ومحال أن يكون الضرب لغير خطأ، غير أن المستشرق الألماني يوهان فك عمل ملحقاً لكتابه (العربية) سماه مادة لحن ومشتقاتها قال فيه".. وهذا اللفظ القديم: اللحن، الذي يطلقه علماء اللغة والنحو اصطلاحاً على الخطأ في اللغة، إنما اكتسب هذا المدلول نتيجة لاتفاق عرفي على تغيير معناه الأصلي وفي وقت متأخر نسبيا"ً(٢).
... ثم يقول بعد ذلك:" هذا ولا يزال ينقصنا كل دليل يبين متى نقل لفظ اللحن إلى معنى الخطأ في الكلام، أغلب الظن أنه استعمل لأول مرة بهذا المعنى عندما تنبه العرب بعد اختلاطهم بالأعاجم إلى فرق ما بين التعبير الصحيح والتعبير الملحون، وكثير من هؤلاء لم يكونوا يستطيعون إخراج حروف الحلق والإطباق بالدقة المعروفة في العربية من مخارجها، فاستعاضوا عنها بحروف أخف على ألسنتهم وأسهل على طباعهم وكان أثر هذا إلى جانب الثراء العظيم في ألفاظ العربية، أن نشأ من التحريف واختلاط الكلمات مالا مناص عنه في التفاهم العادي"(٣)ثم أشار فيما بعد إلى ان التحديد الزمني لهذا هو أواخر القرن الأول للهجرة(٤).
(٢) يوهان فك: العربية دراسات في اللهجات والأساليب،(ص٢٤٣)، نشر مكتبة الخانجي بمصر سنة ١٩٨٠ ترجمة وتعليق الدكتور رمضان عبد التواب.
(٣) السابق : ٢٥٤
(٤) السابق : ٢٥٤