هذا ولم يخل عصر من عصور الإسلام من الاهتمام بالفتيات الموهوبات، أخوات أو بنات أو زوجات، فمنهن المحدثات والفقيهات، وكذا العابدات الزاهدات محبات الخير، ومن قرأ التاريخ والتراجم يجد ذلك جلياً واضحاً.
* كانت حفصة بنت سيرين قد حفظت القرآن وهي ابنة اثنتي عشرة سنة وفهمته تفسيراً، وكان ابن سيرين إذا أشكل عليه شيء من القرآن يقول : اذهبوا فاسألوا حفصة كيف تقرأ. ( ٢ ).

____________
( ١ ) سير أعلام النبلاء : ج ٢ / ١٨٣، وأخرج الحديث أبو نعيم في الحلية، ورجاله ثقات.
( ٢ ). صفوة الصفوة : ج ٤ / ٢٤، والنساء الداعيات : د. توفيق الواعي.
* وكانت أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها كثيرة الصدقة في سبيل الله. فشجع رسول الله موهبتها هذه من عبادة وتبتل، فكان يقسم ما أفاء الله عليه في رهط من المهاجرين، فتكلمت زينب، فانتهرها عمر رضي الله عنهما، فقال ﷺ :(( خلّ عنها يا عمر ! فإنها أوّاهة )). ( ١ ). أي عابدة متبتلة تخشى الله.
فقد شجع رسول الله ــ ﷺ ــ ميلها إلى ذلك السخاء والإيثار، وكان عطاؤها بعد وفاته ــ عليه الصلاة والسلام ــ اثني عشر ألفاً، كانت تنفقه على المساكين.
إن صور التشجيع من الرسول المربي ــ ﷺ ــ كثيرة ومتنوعة، وما فتئت تطالعنا بالجديد المعطاء.
فسار الصحابة والتابعون من بعدهم على هذا المنهج، فكانت حضارة الإسلام حضارة رائعة متوازنة، لم يكن لها نظير في خصائصها هذه بين حضارات الأمم الأخرى سابقاً ولاحقاً.
______________________
( ١ ) الإصابة : ج٤ / ٣٠٧.
واقع الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في رعاية الموهوبين


الصفحة التالية
Icon