وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُون﴾(١) فرد عليهم بقوله: ﴿فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً﴾(٢).
وقال: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً﴾(٣) ثم رد عليهم بأوجه كثيرة ثبتت في أثناء القرآن كقوله: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾(٤)، وقوله: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَاأَرْض﴾ (٥)، وقوله: ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾(٦) الآية، وقوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ﴾(٧) إلى آخره، وأشباه ذلك"(٨).
وقد ذكر أبو إسحاق أمثلة كثيرة أكتفي منها بما أوردت، ومن أراد الوقوف عليها فلينظر كتابه الموافقات(٩).
ثم قال رحمه الله تعالى: "وأما الثاني فظاهر أيضا، ولكن الدليل على صحته من نفس الحكاية وإقرارها، فإن القرآن سُمي فرقانا، وهدىً، وبرهانا، وبيانا، وتبيانا لكل شيء، وهو حجة على الخلق على الجملة والتفصيل والإطلاق والعموم، وهذا المعنى يأبى أن يحكى فيه ما ليس بحق ثم لا ينبه عليه.
وأيضا فإن جميع ما يحكى فيه من شرائع الأوّلين وأحكامهم، ولم ينبه على إفسادهم وافترائهم فيه فهو حق، يجعل عمدة عند طائفة في شريعتنا ويمنعه قوم، لا من جهة قدح فيه، ولكن من جهة أمر خارج عن ذلك، فقد اتفقوا على أنه حق وصدق كشريعتنا، ولا يفترق ما بينهما إلاّ بحكم النسخ فقط"(١٠).
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٤.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١١٦.
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ٢٦.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١١٦.
(٦) سورة يونس، الآية: ٦٨.
(٧) سورة مريم، الآية: ٩٠.
(٨) انظر الموافقات (٤/١٥٨ - ١٦٠).
(٩) انظر المصدر نفسه (٤/١٥٨ - ١٦٠).
(١٠) المصدر نفسه (٤/١٦٠).