ثم رد أبو إسحاق على قائل ذلك بقوله: "ولو قال قائل إن الأمر بالضد مما قال لما بَعُد في المعارضة. وشاهد ما بين الخصمين شأن السلف الصالح في تلك العلوم، هل كانوا آخذين فيها، أم كانوا تاركين لها، أو غافلين عنها ؟ مع
القطع بتحققهم بفهم القرآن، يشهد لهم بذلك النبي ﷺ والجم
الغفير، فلينظر امرؤ أين يضع قدمه"(١).
ثم ذكر أبو إسحاق القسم الثاني بقوله: "وقسم هو مأخوذٌ من جملته من حيث هو كلام لا من حيث هو خطاب بأمر أو نهي أو غيرهما، بل من جهة ما هو هو، وذلك ما فيه من دلالة النبوة، وهو كونه معجزة لرسول الله ﷺ فإن هذا المعنى ليس مأخوذًا من تفاصيل القرآن كما تؤخذ منه الأحكام الشرعية، إذ لم تنص آياته وسوره على ذلك مثل نصها على الأحكام بالأمر والنهي وغيرهما، وإنما فيه التنبيه على التعجيز أن يأتوا بسورة مثله، وذلك لا يختص به شيء من القرآن دون شيء، ولا سورة دون سورة، ولا نمط منه دون آخر..."(٢).
ثم ذكر القسم الثالث بقوله: "وقسم هو مأخوذ من عادة الله تعالى في إنزاله، وخطاب الخلق به... ويشتمل على أنواع من القواعد الأصلية والفوائد الفرعية، والمحاسن الأدبية"(٣).
ثم ذكر على هذا القسم تسعة أمثلة(٤)، جدير بأهل القرآن أن يراجعوها ففيها من الفوائد الشيء الكثير.
ثم ذكر القسم الرابع بقوله: "وقسم هو المقصود الأول... وذلك أنه محتوٍ من العلوم على ثلاثة أجناس... أحدها: معرفة المتوجَّه إليه، وهو الله المعبود سبحانه. والثاني: معرفة كيفية التوجه إليه. والثالث: معرفة مآل العبد ليخاف الله به ويرجوه"(٥).
ثم شرح هذه الأجناس الثلاثة بكلام نفيس، نحيل القارئ على مراجعته(٦).

(١) المصدر نفسه (٤/١٩٨).
(٢) انظر المصدر نفسه (٤/١٩٩).
(٣) انظر المصدر نفسه (٤/٢٠٠).
(٤) انظر المصدر نفسه (٤/٢٠٠ - ٢٠٣).
(٥) انظر المصدر نفسه (٤/٢٠٤).
(٦) انظر المصدر نفسه (٤/٢٠٤ - ٢٠٧).


الصفحة التالية
Icon