١ - قال الشيخ مناع القطان رحمه الله تعالى(١) - بعد أن نقل بعض كلام الإمام أبي إسحاق الشاطبي -: "ومع هذا فإن ترجمة المعاني الأصلية لا تخلو من فساد، فإن اللفظ الواحد في القرآن قد يكون له معنيان، أو معانٍ تحتملها الآية، فيضع المترجم لفظا يدل على معنى واحد، حيث لا يجد لفظا يشاكل اللفظ العربي في احتمال تلك المعاني المتعددة. وقد يستعمل القرآن اللفظ في معنى مجازي فيأتي المترجم بلفظ يرادف اللفظ العربي في معناه الحقيقي؛ ولهذا ونحوه وقعت أخطاء كثيرة فيما ترجم لمعاني القرآن. وما ذهب إليه الشاطبي واعتبره حجّة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي ليس على إطلاقِه؛ فإن بعض العلماء يخص هذا بمقدار الضرورة في إبلاغ الدعوة بالتوحيد وأركان العبادات، ولا يتعرض لما سوى ذلك، ويؤمر من أراد الزيادة بتعلم اللسان العربي"(٢).
قلت: فتبين لك بهذا أن ترجمة المعاني الأصلية غير ممكن إلا مع وجود الفساد والأخطاء الكثيرة، ولو كان هذا الفساد والأخطاء الكثيرة في غير القرآن لمُنع من يفعل ذلك، فكيف بالقرآن الكريم ؟!.
٢ - أنواع الترجمة، وبيان الجائر منها والممنوع. هي ثلاثة أنواع(٣)، بيانُها فيما يلي:
أ - الترجمة اللفظية المثلية: وهي إبدال لفظ بلفظ آخر يرادفه في المعنى، مع الاحتفاظ بما للمبدل منه من التراكيب والنسق والأسلوب، والدلائل الأصلية والتبعية، وبما له من خفة على الأسماع وتأثير على القلوب، وبما له من إحكام وتشابه وإعجاز(٤).
(٢) مباحث في علوم القرآن، ص (٣١٥، ٣١٦).
(٣) وترجع هذه الثلاثة كلها إلى المعنى الاصطلاحي العرفي، وهو نقل الكلام من لغة إلى لغة ثانية.
(٤) انظر القول السديد في حكم ترجمة القرآن المجيد، ص (١١)، وترجمات معاني القرآن الكريم ص (١٤).