وأما فواتح السور، فقد تكلم الناس فيها بما يقتضي أن للعرب بها عهدًا كعدد الجمل الذي تعرَّفوه من أهل الكتاب، حسبما ذكره أصحاب السير، أو هي من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلاَّ الله تعالى، وغير ذلك، وأما تفسيرها بما لا عهد به فلا يكون، ولم يدعه أحد ممن تقدّم، فلا دليل فيها على ما ادعوا، وما ينقل عن عليّ أو غيره في هذا لا يثبت(١).
فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لا يصح أن يُنكر منه ما يقتضيه، ويجب الاقتصار في الاستعانة على فهمه على كل ما يضاف علمه إلى العرب خاصّة فبه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية، فمن طلبه بغير ما هو أداة له ضل عن فهمه، وتقول على الله ورسوله فيه..."(٢).
التعليق على مبحث: التفسير العلمي للقرآن الكريم
اختلف العلماء في التفسير العلمي للقرآن الكريم، فنقل السيوطي عن ابن أبي الفضل المرسي(٣) أنه قال: "جمع القرآن علوم الأولين والآخرين"(٤)، ثم عدد أنواعا من العلوم حتى ذكر الخياطة، والحدادة، والنجارة، والغزل، والنسج، والفلاحة، والملاحة، والخبز، والطبخ، والغسل(٥).

(١) قد أخرج الإمام الطبري في تفسيره (١/٢٠٧) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: ((هو قسمٌ أقسم الله به...))، وثبت ذلك عن عكرمة أيضا كما في تفسير الطبري (١/٢٠٧).
(٢) انظر الموافقات (٢/١٢٧ - ١٣١).
(٣) محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي، علامة نحوي أديب زاهد مفسر محدث فقيه أصولي (ت: ٦٥٥ه-) انظر بغية الوعاة (١/١٤٤).
(٤) الإتقان (٢/٣٥٠).
(٥) انظر المرجع نفسه (٢/٣٥٠ - ٣٥٥)، وقد سبقه إلى هذا الاتجاه الغزالي والرازي وغيرهما. انظر اتجاهات التفسير في العصر الراهن، ص (٢٤٧، ٢٥١).


الصفحة التالية
Icon