(٣) يرى أبو إسحاق أن قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾(١)بيان لقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾(٢)، ويوجه قول من قال بالنسخ بين الآيتين إلى أن مقصوده البيان، إذ أن آية الشورى خبر محض، والأخبار لا نسخ فيها(٣).
(٤) يرى أبو إسحاق أن قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾(٤)تقييد - والتقييد نوع من البيان - لقوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾(٥)، وهو مراد من قال بالنسخ بين الآيتين(٦).
وفي معرض الرد على الفرق المخالفة لأهل السنة ذكر أبو إسحاق الشاطبي طائفةً من الآيات التي يُفسر بعضها بعضا فقال: "… عُدّت المعتزلة من أهل الزيغ؛ حيث اتبعوا نحو قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾(٧)، وقوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾(٨)وتركوا مبينه وهو قوله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾(٩).
واتبع الخوارج نحو قوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ﴾(١٠)، وتركوا مبينه وهو قوله: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾(١١)، وقوله: ﴿فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا﴾(١٢).
واتبع الجبرية نحو قوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾(١٣)وتركوا بيانه وهو قوله: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾(١٤)وما أشبهه"(١٥).
المبحث الثاني: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في تفسير القرآن بالسنة
(٢) سورة الشورى، الآية: ٥.
(٣) انظر الموافقات (٣/٣٥٦).
(٤) سورة التغابن، الآية: ١٦.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٠٢.
(٦) انظر: الموافقات (٣/٣٥٨).
(٧) سورة فصلت، الآية: ٤٠.
(٨) سورة الكهف، الآية: ٢٩.
(٩) سورة التكوير، الآية: ٢٩.
(١٠) سورة يوسف، الآية: ٤٠.
(١١) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(١٢) سورة النساء، الآية: ٣٥.
(١٣) سورة الصافات، الآية: ٩٦.
(١٤) سورة التوبة، الآية: ٨٢، ٩٥.
(١٥) الموافقات (٣/٣١٣).