عند الناس في فترة من الفترات.. كالاشتراكية.. والديمقراطية.. وما إليها.. ظانين أنهم إنما يخدمون الإسلام بهذه التقدمة الذليلة!..
إن «الاشتراكية» مذهب اجتماعي اقتصادي من صنع البشر قابل للصواب والخطأ.
وإن «الديمقراطية» نظام للحياة أو للحكم من صنع البشر كذلك، يحمل صنع البشر من القابلية للصواب والخطأ أيضا.. والإسلام منهج حياة يشمل التصور الاعتقادي، والنظام الاجتماعي الاقتصادي، والنظام التنفيذي والتشكيلي.. وهو من صنع اللّه المبرأ من النقص والعيب.. فأين يقف من الإسلام من يريد أن يستشفع لمنهج اللّه - سبحانه - عند البشر بوصفه بصفة من أعمال البشر؟ بل أين يقف من الإسلام من يريد أن يستشفع للّه - سبحانه - عند العبيد بقول من أقوال هؤلاء العبيد؟!..
لقد كان كل شرك المشركين في الجاهلية العربية أنهم يستشفعون عند اللّه ببعض خلقه.. يتخذونهم أولياء: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى...» فهذا هو الشرك! فما الوصف الذي يطلق إذن على الذين لا يستشفعون لأنفسهم عند اللّه بأولياء من عبيده، ولكنهم - ويا للنكر والبشاعة! - يستشفعون للّه - سبحانه - عند العبيد بمذهب أو منهج من مذاهب العبيد ومناهجهم؟! إن الإسلام هو الإسلام. والاشتراكية هي الاشتراكية. والديمقراطية هي الديمقراطية.. ذلك منهج اللّه ولا عنوان له ولا صفة إلا العنوان الذي جعله اللّه له، والصفة التي وصفه بها.. وهذه وتلك من مناهج البشر.
ومن تجارب البشر.. وإذا اختاروها فليختاروها على هذا الأساس.. ولا ينبغي لصاحب الدعوة إلى دين اللّه، أن يستجيب لإغراء الزي الرائج من أزياء الهوى البشري المتقلب. وهو يحسب أنه يحسن إلى دين اللّه! على أننا نسأل هؤلاء الذين هان عليهم دينهم، ولم يقدروا اللّه حق قدره.. إذا كنتم تقدمون الإسلام اليوم للناس باسم الاشتراكية، وباسم الديمقراطية، لأن هذين زيان من أزياء الاتجاهات المعاصرة.. فلقد كانت الرأسمالية في فترة من الفترات هي الزي المحبوب عند الناس وهم يخرجون بها من النظام الإقطاعي! كما كان الحكم المطلق في فترة من الفترات هو الزي المطلوب في فترة التجميع القومي للولايات المتناثرة كما في ألمانيا وإيطاليا أيام بسمرك وما تزيني مثلا! وغدا من يدري ماذا يكون الزي الشائع من الأنظمة الاجتماعية الأرضية وأنظمة الحكم التي يضعها العبيد للعبيد، فكيف يا ترى ستقولون غدا عن الإسلام؟ لتقدموه للناس في الثوب الذي يحبه الناس؟! إن التوجيه القرآني في هذه الموجة التي نحن بصددها - وفي غيرها كذلك - يشمل هذا كله.. إنه يريد أن يستعلي صاحب الدعوة بدينه فلا يستجيب لاقتراحات المقترحين ولا يحاول تزيين هذا الدين بغير اسمه وعنوانه ولا مخاطبة الناس به بغير منهجه ووسيلته.. إن اللّه غني عن العالمين. ومن لم يستجب