القرنين:﴿ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىا رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الْحُسْنَىا وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً ﴾[الكهف: ٨٧ - ٨٨].
ذلك، لأن الله تعالى يزَعُ بالسلطان مَا لا يزع بالقرآن، ولو تركنا أهل الفساد والمنحرفين لجزاء القيامة لفسد المجتمع، لا بُدَّ من قوة تصون صلاح المجتمع، وتضرب على أيدي المفسدين، لا بُدَّ من قوة تمنع مَنْ يتجرؤون علينا ويطالبون بتغيير نظامنا الإسلامي.
لذلك يقول تعالى:﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾[الأنفال: ٦٠] لا بُدَّ أن يعلم العدو أن لديك الرادعَ الذي يَردعه إنِ اعتدى عليك أو حاول إفساد صلاح المجتمع.
لذلك، فالنبي - ﷺ - يقول في الحديث إن السهم الذي يُرمى في سبيل الله، لكل مَنْ شارك في إعداده ورمية جزء من الثواب، فالذي قطعه من الشجرة والذي براه، والذي وضعه في القوس ورمى به؛ لأن في ذلك صيانةً للحق وصيانة للصلاح حتى يدوم، ولا يفسده أحد. فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَزْرَقِ، قَالَ: كَانَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ، يَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَسْتَتبِعُهُ، فَكَأنَّهُ كَادَ أَنْ يَمَلَّ، فَقَالَ: أَلَمْ أُخْبِرْكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - ﷺ -، يَقُولُ. قَالَ: بَلَى. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ -، يَقُولُ:" إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَدْخُلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ الَّذِي يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالَّذِي يُجَهِّزُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالَّذِي يَرْمِي بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ " (١)
والمسئولية هنا لا تقتصر على الحكام وولاة الأمر، إنما هي مسئولية كل فرد فيمن ولي أمراً من أمور المسلمين، كما جاء في عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - يَقُولُ « كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - قَالَ وَحَسِبْتُ

(١) - شعب الإيمان [٦ /١٤٨](٣٩٩٢ ) صحيح - زيادة مني


الصفحة التالية
Icon