لرسوله - ﷺ - :﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾[الأنعام: ٥٢].
وهكذا جاء اللقطة التي معنا:﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾ [مريم: ٧٣].
قوله:}﴿ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾ [مريم: ٧٣] الآيات: جمع آية وهي الشيء العجيب الذي يتحدث به، وتُطلق ـ كما قلنا ـ على الآيات الكونية التي تثبت قدرة الله تعالى، وتلفتنا إلى بديع صُنْعه كآيات الليل والنهار والشمس والقمر، وتُطلق على المعجزات التي تُثبت صِدْق الرسول، كما جاء في قوله تعالى:﴿ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىا تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىا فِي السَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً ﴾[الإسراء: ٩٠ـ٩٣].
كما تُطلق الآيات على آيات القرآن التي تحمل الأحكام، وهذه هي المرادة هنا؛ لأن آيات القرآن تنطوي فيها كل الآيات.
وقوله:﴿ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ ﴾ [مريم: ٧٣] أي: لقد ارتضينا حكمكم في هذه المسألة: نحن الكفار في سَعَة، وأنتم يا أهلَ الإيمان في ضيق، فأيّ الفريقين خير مقاماً؟ والله بمقاييسكم أنتم. فأنتم خير، أمّا بمقياس الأعلى والأبقى فنحن.
والمقام ـ بفتح الميم: اسم لمكان قيامك من الفعل: قام. أما " مُقام " بضم الميم، فمِنْ أقام. والمراد هنا ﴿ خَيْرٌ مَّقَاماً ﴾ [مريم: ٧٣] أي: مكاناً يقوم فيه على الآخر أي: بيت كبير وأثاث ومجلس يتباهى به على غيره.
﴿ وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾ [مريم: ٧٣] الإنسان عادةً له بيت يَأويه، وله مجلس يَأوي إليه، ويجلس فيه مع أصحابه وأحبابه يُسمُّونه " حجرة الجلوس " أو " المندرة "، وفيها يجلس كبير


الصفحة التالية
Icon