والإفساد : فعل ما به الفساد، والهمزة فيه للجعل أي جعل الأشياء فاسدة في الأرض.
والفساد أصله استحالة منفعة الشيء النافع إلى مضر به أو بغيره، وقد يطلق على وجود الشيء مشتملا على مضرة، وإن لم يكن فيه نفع من قبل يقال : فسد الشيء بعد أن كان صالحا، ويقال : فاسد إذا وجد فاسدا من أول وهلة، وكذلك يقال : أفسد إذا عمد إلى شيء صالح فأزال صلاحه، ويقال : أفسد إذا أوجد فسادا من أول الأمر. والأظهر أن الفساد موضوع للقدر المشترك في الأطعمة، ومنه إزالة الأشياء النافعة كالحرق والقتل للبرآء، ومنه إفساد الأنظمة كالفتن والجور، ومنه إفساد المساعي كتكثير الجهل وتعليم الدعارة وتحسين الكفر ومناوأة الصالحين، ولعل المنافقين قد أخذوا من ضروب الإفساد بالجميع، فلذلك حذف متعلق تفسدوا تأكيدا للعموم المستفاد من وقوع الفعل في حيز النفي.
وذكر المحل الذي أفسدوا ما يحتوى عليه وهو الأرض لتفظيع فسادهم بأنه مبثوث في هذه الأرض لأن وقوعه في رقعة منها تشويه لمجموعها. والمراد بالأرض هذه الكرة الأرضية بما تحتوى عليه من الأشياء القابلة للإفساد من الناس والحيوان والنبات وسائر الأنظمة والنواميس التي وضعها الله تعالى لها.( )
ومن التحقيقات ( ) } وكذلك جعلناكم أمة وسطا { اللغوية عميقة الدلالة كلامه عن "كذلك" في قوله تعالى.
وكلامه عن "لعل" وانفراده بقول مستقل فيها حيث يقول :