وقوله : وقال الأستاذ محمد عبده : إن النصارى كانوا يبتدئون أدعيتهم ونحوها باسم الأب والابن والروح القدس إشارة إلى الأقانيم الثلاثة عندهم، فجاءت فاتحة كتاب الإسلام بالرد عليهم موقظة لهم بأن الإله الواحد وإن تعددت أ سماؤه فإنما هو تعدد الأوصاف دون تعدد المسميات، يعني فهو رد عليهم بتغليظ وتبليد. وإذا صح أن فواتح النصارى وأدعيتهم كانت تشمل على ذلك إذ الناقل أمين فهي نكتة لطيفة.
ثالثا : ذو ولع شديد بالنقد وإن كان هناك مندوحة لترك الانتقاد
انتقاده لوجه في التفسير مقبول ( ) } فزادهم الله مرضا ﴿ عند قوله تعالى
قال : قال بعض المفسرين : هي دعاء عليهم كقول جبير بن الأضبط :
تباعد عنى فقال إذ دعوته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
قال : وهو تفسير غير حسن لأنه خلاف الأصل في العطف بالفاء ولأن تصدى القرآن لشتمهم بذلك ليس من دأبه، ولأن الدعاء عليهم بالزيادة تنافي ما عهد من الدعاء للضالين بالهداية في نحو “اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون ”.( )
وهذا ليس بلازم { ( )وقال ﴾ ملعونين أينما ثقفوا ﴿ ( )وقال ﴾ قتل الإنسان ما أكفره ﴿ فقد قال تعالى ( )غير ذلك. ﴾ قاتلهم الله أنى يؤفكون
وقد كنت من المعجبين بهذا الكتاب وحرصت على اقتنائه بطبعته التونسية على الرغم من غلاء سعره جدا وعدم اكتماله وقتها وذلك قبل أكثر من سبع عشرة سنة، إلا أنني لمحت فيه تلك السلبيات مما حدا بي إلى الإطالة في بيانها.
والكتاب في الجملة كتاب جيد من حيث الإضافات العلمية التي أضافها وقد كان تحرر صاحبه سلاحا ذا حدين فكما أفادنا في مواضع كثيرة، زلت قدمه في مواضع أكثر والمعصوم من عصمه الله.