صفحة : ٥
والتفسير أول العلوم الإسلامية ظهورا، إذ قد ظهر الخوض فيه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان بعض أصحابه قد سأل عن بعض معاني القرآن كما سأله عمر رضي الله عنه عن الكلالة، ثم اشتهر فيه بعد من الصحابة علي وابن عباس وهما أكثر الصحابة قولا في التفسير، وزيد بن ثابت وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم، وكثر الخوض فيه، حين دخل في الإسلام من لم يكن عربي السجية، فلزم التصدي لبيان معاني القرآن لهم، وشاع عن التابعين وأشهرهم في ذلك مجاهد وابن جبير، وهو أيضا أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق.
وأما تصنيفه فأول من صنف فيه عبد الملك بن جريج المكي المولود سنة ٨٠ ه والمتوفي سنة ١٤٩ ه صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة وجمع فيه آثارا وغيرها وأكثر روايته عن أصحاب ابن عباس مثل عطاء ومجاهد، وصنفت تفاسير ونسبت روايتها إلى ابن عباس، لكن أهل الأثر تكلموا فيها وهي تفسير محمد بن السائب الكلبي المتوفي سنة ١٤٦ ه عن أبي صالح عن ابن عباس، وقد رمي أبو صالح بالكذب حتى لقب بكلمة دروغدت بالفارسية بمعنى الكذاب وهي أوهى الروايات فإذا انضم إليها رواية محمد بن مروان السدى عن الكلبي فهي سلسلة الكذب، أرادوا بذلك أنها ضد ما لقبوه بسلسلة الذهب، وهي مالك عن نافع عن ابن عمر. وقد قيل إن الكلبي كان من أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل، الذي أسلم وطعن في الخلفاء الثلاثة وغلا في حب علي بن أبي طالب، وقال: إن عليا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا وقد قيل إنه ادعى إلهية علي.