صفحة : ٥٦
وثمة قول آخر لا ينبغي الالتفات إليه وإنما نذكره استيعابا لآراء الناظرين في هذه المسألة، وهو صحة إطلاق المشترك على معانيه في النفي وعدم صحة ذلك في الإيجاب، ونسب هذا القول إلى برهان علي المرغيناني الفقيه الحنفي صاحب كتاب الهداية في الفقه، ومثاره في ما أحسب اشتباه دلالة اللفظ المشترك على معانيه بدلالة النكرة الكلية على أفرادها حيث تفيد العموم إذا وقعت في سياق النفي ولا تفيده في سياق الإثبات.
والذي يجب اعتماده أن يحمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك، والتركيب المشترك بين مختلف الاستعمالات، سواء كانت المعاني حقيقية أو مجازية، محضة أو مختلفة. مثال استعمال اللفظ المفرد في حقيقته ومجازه قوله تعالى )ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس( فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم، وقد استعمل فعل يسجد هنا في معنييه المذكورين لا محالة. وقوله تعالى )ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء( فبسط الأيدي حقيقة في مدها للضرب والسلب، وبسط الألسنة مجاز في عدم إمساكها عن القول البذيء وقد استعمل هنا في كلا معنييه. ومثال استعمال المركب المشترك في معنييه قوله تعالى )ويل للمطففين( فمركب ويل له يستعمل خبرا ويستعمل دعاء، وقد حمله المفسرون هنا على كلا المعنيين.