قال التفتزاني يعني أن كل ما ندركه بعقولنا ففي غالب الأمر نتمكن من التعبير عنه، والإعجاز ليس كذلك لأنا نعلم قطعا من كلام الله أنه بحيث لا تمكن للبشر معارضته والإتيان بمثله ولا يماثله شيء من كلام فصحاء العرب مع أن كلماته كلمات كلامهم، وكذا هيئات تراكيبه، كما أنا نجد كلاما نعلم قطعا أنه مستقيم الوزن دون آخر، وكما أنا ندرك من أحد كون كل عضو منه كما ينبغي وآخر كذلك أو دون ذلك، لكن فيه شيء نسميه الملاحة ولا نعرف أنه ما هو، وليس مدرك الإعجاز عند المصنف سوى الذوق وهو قوة إدراكية لها اختصاص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية، فإن كان حاصلا بالفطرة فذاك وإن أريد اكتسابه فلا طريق إليه سوى الاعتناء بعلمي المعاني والبيان وطول ممارستهما والاشتغال بهما، وإن جمع بين الذوق الفطري وطول خدمة العلمين فلا غاية وراءه، فوجه الإعجاز أمر من جنس البلاغة والفصاحة لا كما ذهب إليه النظام وجمع من المعنزلة أن إعجازه بالصرفة بمعنى أن الله صرف العرب عن معارضته وسلب قدرتهم عليها، ولا كما ذهب إليه جماعة من أن إعجازه بمخالفة أسلوبه لأساليب كلامهم من الأشعار والخطب والرسائل لا سيما في المقاطع مثل يؤمنون وينفقون ويعلمون قال السيد لا سيما في مطالع السور ومقاطع الآي أو بسلامته من التناقض قال السيد مع طوله جدا أو باشتماله على الإخبار بالمغيبات والكل فاسد. اه وقال السيد: الجرجاني فهذه أقوال خمسة في وجه الإعجاز لا سادس لها.
وقال السيد أراد المصنف أن الإعجاز نفسه وإن لم يمكن وصفه وكشفه بحيث يدرك به لكن الأمور المؤدية إلى كون الكلام معجزا أعنى وجوه البلاغة قد تحتجب فربما تيسر كشفها ليتقوى بذلك ذوق البليغ على مشاهدة الإعجاز.