صفحة : ٦١
واعلم أنه لا شك في أن خصوصيات الكلام البليغ ودقائقه مراده لله تعالى في كون القرآن معجزا وملحوظة للمتحدين به على مقدار ما يبلغ إليه بيان المبين. وان إشارات كثيرة في القرآن تلفت الأذهان لذلك ويحضرني الآن من ذلك أمور: أحدها ما رواه مسلم والأربعة عن أبي هريرة قال رسول الله ﷺ قال الله تعالى: قسمت الصلاة أي سورة الفاتحة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي. وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى أثنى علي عبدي. وإذ قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي وقال مرة: فوض إلي عبدي فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
ففي هذا الحديث تنبيه على ما في نظم فاتحة الكتاب من خصوصية التقسيم إذ قسم الفاتحة ثلاثة أقسام. وحسن التقسيم من المحسنات البديعية. مع ما تضمنه ذلك التقسيم من محسن التخلص في قوله فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي إذ كان ذلك مزيجا من القسمين الذي قبله والذي بعده.
وفي القرآن مراعاة التجنيس في غير ما آية والتجنيس من المحسنات، ومنه قوله تعالى )وهم ينهون عنه وينأون عنه(.
وفيه التنبيه على محسن المطابقة كقوله )فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير.
والتنبيه على ما فيه من تمثيل كقوله تعالى )ويضرب الله الأمثال للناس وما يعقلها إلا العالمون( وقوله )يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون(.


الصفحة التالية
Icon