وقال في تفسير سورة الزمر عند قوله تعالى )والسماوات مطويات بيمينه(: وكم من آية من آيات التنزيل وحديث من أحاديث الرسول، قد ضيم وسيم الخسف، بالتأويلات الغثه، والوجوه الرثة، لأن من تأولها ليس من هذا العلم في عير ولا نفير، ولا يعرف قبيلا منه من دبير يريد به علم البيان. وقال السكاكي في مقدمة القسم الثالث من كتاب المفتاح: وفيما ذكرنا ما ينبه على أن الواقف على تمام مراد الحكيم تعالى، وتقدس من كلامه مفتقر إلى هذين العلمين المعاني والبيان كل الافتقار، فالويل كل الويل لمن تعاطى التفسير وهو فيهما راجل، قال السيد الجرجاني في شرحه: ولا شك أن خواص نظم القرآن أكثر من غيرها فلابد لمن أراد الوقوف عليها، إن لم يكن بليغا سليقة، من هذين العلمين. وقد أصاب السكاكي بذكر الحكيم المحز، أي أصاب المحز إذ خص بالذكر هذا الاسم من بين الأسماء الحسنى، لأن كلام الحكيم يحتوي على مقاصد جليلة ومعاني غالية، لا يحصل الاطلاع على جميعها أو معظمها إلا بعد التمرس بقواعد بلاغة الكلام المفرغة فيه، وفي قوله ينبه إشارة إلى أن من حقه أن يكون معلوما ولكنه قد يغفل عنه، وقوله فالويل كل الويل تنفير، لأن من لم يعرف هذين العلمين إذا شرع في تفسير القرآن واستخراج لطائفه أخطأ غالبا، وإن أصاب نادرا كان مخطئا في إقدامه عليه ا ه. وقوله تمام مراد الحكيم، أي المقصود هو معرفة جميع مراد الله من قرآنه، وذلك إما ليكثر الطلب واستخراج النكت، فيدأب كل أحد للاطلاع على غاية مراد الله تعالى، وإما أن يكون المراد الذي نصب عليه علامات بلاغية وهو منحصر فيما يقتضيه المقام بحسب التتبع، والكل مظنة عدم التناهي وباعث للناظر على بذل غاية الجهد في معرفته، والناس متفاوتون في هذا الاطلاع على قدر صفاء القرائح ووفرة المعلومات، وقال أبو الوليد ابن رشد، في جوابه له عمن قال: إنه لا يحتاج إلى لسان العرب ما نصه: هذا جاهل فلينصرف عن ذلك وليتب منه فإنه لا يصح شئ