أما حجة مذهب مالك ومن وافقه فلهم فيها مسالك: أحدها من طريق النظر، والثاني من طريق الأثر، والثالث من طريق الذوق العربي.
فأما المسلك الأول فللمالكية فيه مقالة فائقة للقاضي أبي بكر الباقلاني وتابعه أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن والقاضي عبد الوهاب في كتاب الاشراف، قال الباقلاني: لو كانت التسمية من القرآن لكان طريق إثباتها إما التواتر أو الآحاد، والأول باطل لأنه لو ثبت بالتواتر كونها من القرآن لحصل العلم الضروري بذلك ولامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأمة، والثاني أيضا باطل لأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن فلو جعلناه طريقا إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، ولصار ذلك ظنيا، ولو جاز ذلك لجاز ادعاء الروافض أن القرآن دخله الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف اه وهو كلام وجيه والأقيسة الاستثنائية التي طواها في كلامه واضحة لمن له ممارسة للمنطق وشرطياتها لا تحتاج للاستدلال لأنها بديهية من الشريعة فلا حاجة إلى بسطها. زاد أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن فقال: يكفيك أنها ليست من القرآن الاختلاف فيها، والقرآن لا يختلف فيه اه. وزاد عبد الوهاب فقال: إن رسول الله بين القرآن بيانا واحدا متساويا ولم تكن عادته في بيانه مختلفة بالظهور والخفاء حتى يختص به الواحد والاثنان؛ ولذلك قطعنا بمنع أن يكون شيء من القرآن لم ينقل إلينا وأبطلنا قول الرافضة إن القرآن حمل جمل عند الإمام المعصوم المنتظر فلو كانت البسملة من الحمد لبينها رسول الله بيانا شافيا اه.
وقال ابن العربي في العارضة: إن القاضي أبا بكر بن الطيب، لم يتكلم من الفقه إلا في هذه المسألة خاصة لأنها متعلقة بالأصول.