وأنا أرى في الاستدلال بمسلك الذوق العربي أن يكون على مراعاة قول القائلين بكون البسملة آية من كل سورة فينشأ من هذا القول أن تكون فواتح سور القرآن كلها متماثلة وذلك مما لا يحمد في كلام البلغاء إذ الشأن أن يقع التفنن في الفواتح، بل قد عد علماء البلاغة أهم مواضع التأنق فاتحة الكلام وخاتمته، وذكروا أن فواتح السور وخواتمها واردة على أحسن وجوه البيان وأكملها فكيف يسوغ أن يدعى أن فواتح سورة جملة واحدة، مع أن عامة البلغاء من الخطباء والشعراء والكتاب يتنافسون في تفنن فواتح منشآتهم ويعيبون من يلتزم في كلامه طريقة واحدة فما ظنك بأبلغ الكلام.
وأما حجة مذهب الشافعي ومن وافقه بأنها آية من سورة الفاتحة فأمور كثيرة أنهاها فخر الدين إلى سبع عشرة حجة لا يكاد يستقيم منها بعد طرح المتداخل والخارج عن محل النزاع وضعيف السند أو واهية إلا أمران: أحدهما أحاديث كثيرة منها ما روى أبو هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال فاتحة الكتاب سبع آيات. أولاهن بسم الله الرحمن الرحيم. وقول أم سلمة: قرأ رسول الله ﷺ الفاتحة وعد )بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين( آية.
الثاني: الإجماع على أن ما بين الدفتين كلام الله.