صفحة : ١٤
خامسها: أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك، وهذا مقام تفاوت العلماء فيه واشتد الغلو في الورع ببعضهم حتى كان لا يذكر تفسير شيء غير عازية إلى غيره. وكان الأصمعي لا يفسر كلمة من العربية إذا كانت واقعة في القرآن، ذكر ذلك في المزهر فأبى أن يتكلم في أن سرى وأسرى بمعنى واحد، لأن أسرى ذكرت في القرآن، ولا في أن عصفت الريح وأعصفت بمعنى واحد لأنها في القرآن، وقال: الذي سمعته في معنى الخليل أنه أصفى المودة وأصمها ولا أزيد فيه شيئا لأنه في القرآن اه.
فهذا ضرب من الورع يعتري بعض الناس لخوف، وأنه قد يعتري كثيرا من أهل العلم والفضل، وربما تطرق إلى بعضهم في بعض أنواع الأحوال دون بعض، فتجد من يعتريه ذلك في العلم ولا يعتريه في العقل، وقد تجد العكس، والحق أن الله ما كلفنا في غير أصول الاعتقاد بأكثر من حصول الظن المستند إلى الأدلة والأدلة متنوعة على حسب أنواع المستند فيه، وأدلة فهم الكلام معروفة وقد بيناها.