صفحة : ٢٠
فغرض المفسر بيان ما يصل إليه أو ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن، أو ما يتوقف عليه فهمه أكمل فهم، أو يخدم المقصد تفصيلا وتفريعا كما أشرنا إليه في المقدمة الأولى، مع إقامة الحجة على ذلك إن كان به خفاء، أو لتوقع مكابرة من معاند أو جاهل، فلا جرم كان رائد المفسر في ذلك أن يعرف على الإجمال مقاصد القرآن مما جاء لأجله، ويعرف اصطلاحه في إطلاق الألفاظ، وللتنزيل اصطلاح وعادات، وتعرض صاحب الكشاف إلى شيء من عادات القرآن في متناثر كلامه في تفسيره.
فطرائق المفسرين للقرآن ثلاث، إما الاقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب مع بيانه وإيضاحه وهذا هو الأصل. وإما استنباط معان من وراء الظاهر تقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ولا يجافيها الاستعمال ولا مقصد القرآن، وتلك هي مستتبعات التراكيب وهي من خصائص اللغة العربية المبحوث فيها في علم البلاغة ككون التأكيد يدل على إنكار المخاطب أو تردده، وكفحوى الخطاب ودلالة الإشارة واحتمال المجاز مع الحقيقة، وإما أن يجلب المسائل ويبسطها لمناسبة بينها وبين المعنى، أو لأن زيادة فهم المعنى متوقفة عليها، أو للتوفيق بين المعنى القرآني وبين بعض العلوم مما له تعلق بمقصد من مقاصد التشريع لزيادة تنبيه إليه، أو لرد مطاعن من يزعم أنه ينافيه لا على أنها مما هو مراد الله من تلك الآية بل لقصد التوسع كما أشرنا إليه في المقدمة الثانية.


الصفحة التالية
Icon