مصاحف لتوزع على الأمصار، فصار المصحف الذي كتب لعثمان قريبا من المجمع عليه وعلى كل قراءة توافقه وصار ما خالفه متروكا بما يقارب الإجماع. قال الأصفهاني في تفسيره كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، وهي قراءة العامة التي قرأ بها رسول الله ﷺ على جبريل في العام الذي قبض فيه، ويقال إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله على جبريل اه وبقى الذين قرأوا قراءات مخالفة لمصحف عثمان يقرأون بما رووه لا ينهاهم أحد عن قراءتهم ولكن يعدوهم شذاذا ولكنهم لم يكتبوا قراءتهم في مصاحف بعد أن أجمع الناس على مصحف عثمان، قال البغوي في تفسير قوله تعالى )وطلح منضود( عن مجاهد وفي الكشاف والقرطبي- قرأ علي بن أبي طالب وطلع منضود بعين في موضع الحاء، وقرأ قارئ بين يديه وطلح منضود فقال: وما شأن الطلح؟ إنما هو وطلع وقرأ لها طلع نضيد فقالوا أفلا نحولها؟ فقال إن آي القرآن لا تهاج اليوم ولا تحول، أي لا تغير حروفها ولا تحول عن مكانها فهو قد منع من تغيير المصحف، ومع ذلك لم يترك القراءة التي رواها، وممن نسبت إليهم قراءات مخالفة لمصحف عثمان، عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة، إلى أن ترك الناس ذلك تدريجا. ذكر الفخر في تفسير قوله تعالى )إذ تلقونه بألسنتكم( من سورة النور أن سفيان قال: سمعت أمي تقرأ إذ تثقفونه بألسنتكم وكان أبوها يقرأ بقراءة ابن مسعود، ومع ذلك فقد شذت مصاحف بقيت مغفولا عنها بأيدي أصحابها، منها ما ذكره الزمخشري في الكشاف في سورة الفتح أن الحارث بن سويد صاحب عبد الله بن مسعود كان له مصحف دفنه في مدة الحجاج، قال في الكشاف لأنه كان مخالفا للمصحف الإمام، وقد أفرط الزمخشري في توهين بعض القراءات لمخالفتها لما اصطلح عليه النجاة وذلك من إعراضه عن معرفة الأسانيد.


الصفحة التالية
Icon