على أن أبا علي الفارسي صنف كتاب الحجة للقراءات، وهو معتمد عند المفسرين وقد رأيت نسخة منه في مكاتب الآستانة. فالقراءات من هذه الجهة لا تفيد في علم التفسير والمراد بموافقة خط المصحف موافقة أحد المصاحف الأئمة التي وجه بها عثمان بن عفان إلى أمصار الإسلام إذ قد يكون اختلاف يسير نادر بين بعضها، مثل زيادة الواو في )وسارعوا إلى مغفرة( في مصحف الكوفة ومثل زيادة الفاء في قوله )وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم( في سورة الشورى )ووصينا الإنسان بوالديه حسنا- أو إحسانا( فذلك اختلاف ناشئ عن القراءة بالوجهين بين الحفاظ من زمن الصحابة الذين تلقوا القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه قد أثبته ناسخو المصحف في زمن عثمان فلا ينافي التواتر إذ لا تعارض، إذا كان المنقول عنه قد نطق بما نقله عنه الناقلون في زمانين أو أزمنة، أو كان قد أذن للناقلين أن يقرأوا بأحد اللفظين أو الألفاظ، وقد انحصر توفر الشروط في الروايات العشر للقراء وهم، نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار بزاي فألف فراء مهملة الكوفي، وهذا العاشر ليست له رواية خاصة، وإنما اختار لنفسه قراءة تناسب قراءات أئمة الكوفة، فلم يخرج عن قراءات قراء الكوفة إلا قليلا، وبعض العلماء يجعل قراءة ابن محيصن واليزيدي والحسن، والأعمش، مرتبة دون العشر، وقد عد الجمهور ما سوى ذلك شاذا لأنه لم ينقل بتواتر حفاظ القرآن.


الصفحة التالية
Icon