ولهم في تحديد معنى الرخصة بسبعة أحرف ثلاثة أقوال: الأول أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره من المرادفات تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى. وعلى هذا الجواب فقيل المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور فيكون تحديدا للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات أي من سبع لغات؛ إذ لا يستقيم غير ذلك لأنه لا يتأتى في كلمة من القرآن أن يكون لها ستة مرادفات أصلا، ولا في كلمة أن يكون فيها سبع لهجات إلا كلمات قليلة مثل أف- وجبريل- وأرجه. وقد اختلفوا في تعيين اللغات السبع، فقال أبو عبيدة وابن عطية وأبو حاتم والباقلاني هي من عموم لغات العرب وهم: قريش، وهذيل، وتيم الرباب، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر من هوازن، وبعضهم يعد قريشا، وبني دارم، والعليا من هوازن وهم سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف، قال أبو عمرو بن العلاء أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم وهم بنو دارم.
وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميما، وقال أبو علي الاهوازي، وابن عبد البر، وابن قتيبة هي لغات قبائل من مضر وهم قريش، وهذيل، وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وكلها من مضر.
القول الثاني: لجماعة منهم عياض: أن العدد غير مراد به حقيقته، بل هو كناية عن التعدد والتوسع، وكذلك المرادفات ولو من لغة واحدة كقوله )كالعهن المنفوش( وقرأ ابن مسعود كالصوف المنفوش، وقرأ أبي )كلما أضاء لهم مشوا فيه( مروا فيه سعوا فيه، وقرأ ابن مسعود )انظرونا نقتبس من نوركم( أخرونا، أمهلونا، وأقرأ ابن مسعود رجلا )إن شجرة الزقوم طعام الأثيم( فقال الرجل طعام اليتيم، فأعاد له فلم يستطع أن يقول الأثيم فقال له ابن مسعود: أتستطيع أن تقول طعام الفاجر؟ قال نعم، قال فاقرأ كذلك، وقد اختلف عمر وهشام بن حكيم ولغتهما واحدة.