صفحة : ٣٦
الفائدة الثانية أن من أدب الشريعة معرفة تاريخ سلفها في التشريع من الأنبياء بشرائعهم فكان اشتمال القرآن على قصص الأنبياء وأقوامهم تكليلا لهامة التشريع الإسلامي بذكر تاريخ المشرعين، قال تعالى )وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير(. الآية. وهذه فائدة من فتوحات الله لنا أيضا. وقد رأيت من أسلوب القرآن في هذا الغرض أنه لا يتعرض إلا إلى حال أصحاب القصة في رسوخ الإيمان وضعفه وفيما لذلك من أثر عناية إلهية أو خذلان. وفي هذا الأسلوب لا تجد في ذكر أصحاب هذه القصص بيان أنسابهم أو بلدانهم إذ العبرة فيما وراء ذلك من ضلالهم أو إيمانهم. وكذلك مواضع العبرة في قدرة الله تعالى في قصة أهل الكهف )أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا( إلى قوله )نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى( الآيات. فلم يذكر أنهم من أي قوم وفي أي عصر. وكذلك قوله فيها )فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة( فلم يذكر أية مدينة هي لأن موضع العبرة هو انبعاثهم ووصول رسولهم إلى مدينة إلى قوله )وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق(.
الفائدة الثالثة: ما فيها من فائدة التاريخ من معرفة ترتيب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى )فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا( وما فيها من فائدة ظهور المثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس أو ضد ذلك.


الصفحة التالية
Icon