وجعله كذلك آية على صدق الرسول في دعواه الرسالة عن الله إلى الخلق كافة بأن تحدى منكريه والمترددين فيه من العرب وهم المخاطبون به الأولون بأنهم لا يستطيعون معارضته، ودعاهم إليها فلم يفعلوا. دعاهم أول الأمر إلى الإتيان بعشر سور مثله فقال )أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله( سورة هود. ثم استنزلهم إلى أهون من ذلك عليهم فقال )أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتتم من دون الله إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه( سورة يونس ثم جاء بأصرح من ذلك وأنذرهم بأنهم ليسوا بآتين بذلك فقال في سورة البقرة )وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار( الآية. وقال )ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون( سورة العنكبوت وقد بين النبي ﷺ ذلك بقوله ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة وفي هذا الحديث معان جليلة ليس هذا مقام بيانها وقد شرحتها في تعليقي على صحيح البخاري المسمى النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح.