روى الإمام مسلم أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: (إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين)(١)٤)
ما من شك في أن رفعة السلف الصالح كانت مصداقا للشق الأول من هذا الحديث، وبسب التصاقهم بالقرآن الكريم فهمًا وتطبيًقا وحسن تدبر رفعهم الله سبحانه
وما من شك في أن سبب المذلة التي نعانيها اليوم هو مصداق للشق الثاني من الحديث، حيث ابتعدنا عن القرآن الكريم فهمًا وتطبيقًا وتدبرًا، فتداعت علينا الأمم، أو قاربنا أن نصل إلى هذه الحال.
لذا كان لزامًا علينا ـ إن كنا نريد لأمتنا أن تستعيد مجدها وشهودها الحضاري ـ أن نعيد تنظيم علاقتنا مع القرآن الكريم وفق المنهج الذي ارتضاه الله لنا، وهذا المنهج يكمن في قوله تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"[محمد٢٤]
ويكمن أيضا في علاقة الرسول الكريم مع القرآن فقد كان ـ عليه السلام ـ قرآنًا يمشي على الأرض والصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا لا يتعلمون الآية حتى ينتهوا من الآية التي سبقتها فهمًا وتدبرًا، فانعكس ذلك على سلوكهم وحياتهم فلذلك رفعهم الله به.
وسار التابعون على ذلك فارتقوا وارتفعوا، وجعلهم الله سادة للأمم بعد أن كانوا رعاة للغنم، ثم خلف من بعدهم خلف، وجاءت أقوام جعلت العلاقة بينها وبين القرآن على غير الذي كانت عليه، وما زالت الهوة تتباعد حتى وصل المسلمون إلى ما هم عليه الآن، وتنحت فكرة التدبر للقرآن جانبًا عند أكثر الناس لأسباب مختلفة وتنحى بعدها الاهتمام بالدين شيئًا فشيئًا.
وحتى نعيد علاقتنا مع القرآن الكريم فلا بد من التدبر؛ لأنه هو المفتاح الذي يعني الاهتمام، والمسلم اليوم لا ينقصه شيء مثل ما ينقصه الاهتمام بدينه وقرآنه.
وأحمد في مسنده كتاب مسند عمر بن الخطاب، باب مسند عمر بن الخطاب، برقم ٢٣٤