إنها حلاوة الإيمان، وخشوع القلب، ولذة القرب الحقيقي من الله والشعور بالتغيير الذي يحدث لهم كلما رددوا الآية التي تحركت معها قلوبهم.. فهل من يعيش في هذه الأجواء، ويرى النور بعينه، يعود إلى الوراء، ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فيقرأ القرآن بلسانه وهو غافل عنه؟!
من هنا ندرك أثر القرآن كمنهج أساسي للتغيير الذي حدث لجيل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ.
ثانيًا: القرآن يعرف العبد بربه ويربطه به سبحانه
ومن تأثير القرآن أنه يعرف العبد بربه إلى أقصى ما يمكن أن تتحمله قدراته العقلية، ويصل به إلى أقرب ما يمكن أن يكون عليه بشر بعد الأنبياء ـ عليهم صلوات الله وسلامه ـ ويقوم القرآن كذلك بربط تلك المعرفة بمجريات الحياة، فلا يرى العبد إلا حكمة الله وراء أفعاله ومشيئته سبحانه، فينعكس ذلك على تعمله معه حتى يصل إلى درجة الإحسان بأن يعبد الله كأنه يراه، فيناجيه من قريب، ويستشعر قربه منه، وقيوميته عليه، فيأنس به، ويزداد شوقه إليه.
ثالثًا: القرآن باعث على خشية الله والفزع إلى ذكره
وهذا أثر إيماني مهم؛ لأنه يبعث على استقامة العبد في شتى أموره، وفي كل تصرفاته.
قال سبحانه: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" [الزمر: ٢٣].
قال ابن كثير: هذا مدح من الله عز وجل لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسوله الكريم.(١)٣)

(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/٥٥، إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبو الفدا، ت٧٧٤هـ، ط/ دار الفكر، بيروت١٤٠١هـ


الصفحة التالية
Icon