بل إن النفسَ الواحدةَ قد تحتاجُ في وقتٍ واحدٍ إلى كُلِّ هذِهِ الأساليبِ المُتَنَوِّعَةِ، لذا نجدُ في السورةِ الواحدةِ، وفي المقطعِ الواحدِ مِنَ السُّورةِ تَفَنُّنًا وَتَنَوُّعًا وتمازُجًا وَتَنَاسُبًا بينَ جميعِ ألوانِ الخطابِ
والخطابُ القرآنيُّ، يتناسبُ مَعَ كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ ويتواكَبُ مَعَ كُلِّ جِيلٍ وَقَبِيلٍ، بَلْ وَيَسْبِقُ العُصُورَ ويتجاوَزُ الدُّهُورَ، فَهُوَ رِسَالَةُ اللهِ الخالدةِ، وآياتُهُ المتجدِّدَةُ، ومأدُبَتُهُ العامِرَةُ، وَحُجَّتُهُ البَالِغَةُ
قال شوقي : وحديقةُ الفرقانِ ضاحكةُ الرُّبَا بالتُّرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنَّاءُ
والوحيُ يقْطُرُ سَلْسَلا من سَلْسَلٍ واللَّوْحُ والقلمُ البديعُ رَوَاءُ
ولقد اشتملَ القرآنُ الكريمُ على الحِكَمِ والأحكامِ والقصصِ والأمثالِ والوعدِ والوعيدِ.
ووجوهُ الخطابِ في القرآنِ الكريمِ كثيرةٌ ومتنوعةٌ، عَدَّهَا العلماءُ المحققونَ نحو نيّف وثلاثين نوعاً (٤٧)، وفي هذا دلالةٌ على ثَرَاءِ وتَنُّوُعِ الخطابِ القرآنيِّ، وصلاحِهِ لكلِّ زمانٍ ومكان وتناسُبِهِ مع كلِّ جيلٍ وقبيلٍ، وتدرُّجِهِ فنجدُ الخطابَ المكيَّ والخطابَ المدنيَّ (٤٨).


الصفحة التالية
Icon