وأيضاً: فالجزئيات المختلفة قد يكون تخلفها لحِكَمٍ خارجة عن مقتضى الكلي فلا تكون داخلة تحته أصلاً، أو تكون داخلة عندنا، لكن لم يظهر لنا دخولها، أو داخلة عندنا لكن عارضها على الخصوص ما هي به أولى). وقال في (الكليات): (ص١٢٢): (وتخلف الأصل في موضع أو موضعين لا ينافي أصالته). وعليه؛ فالتعبير بـ(كلي) صحيح، ولا حاجة لاستبداله بـ(أغلبي) مثلا، لأن الأولى يتضمن هذا المعنى وزيادة، لأن القواعد التي تندرج تحتها جميع الجزئيات تسمى (كلية)، وكذلك تلك القواعد التي لها استثناءات تسمى كلية، فالكلية هنا نسبية. وهذا الأمر يشمل قواعد الفقه والأصول والنحو وسائر القواعد الاستقرائية. وأما التفريق –الذي ذهب إليه بعضهم- بين قواعد الفقه –بحيث قال: إنها أغلبية - وبين النحو والأصول –فيقال عنها (كلية) بناءاً على أنه لا يتخلف عنها شيء من أجزائها- فهذا غير صحيح والله أعلم. وإن كنا نُسَلّم أن قواعد الفقه لها من الاستثناءات أكثر من غيرها، لكن هذا لا يعني أن غيرها لا يَرِدُ عليها شيءٌ من المستثنيات.
وبعد هذا الإيضاح أقول: إن القواعد التي نذكرها في هذا الكتاب هي قواعد كلية وإن كان كثير منها مستثنيات. هذا؛ واعلم أن القواعد لا بد من أن يتحقق فيها وصف (الكلية) بحيث تكون مشتملة على أحكام ما تحت موضوعها من جزئيات، ولا تكون قاعدة لمجرد أنها مفيدة فائدة جديدة فحسب.
٢- قولنا: (يتعرف به): هذا التعبير أدق من تعبير بعضهم بـ(ينطبق)، لأن استخراج الحكم المندرج تحت القاعدة لا يكون أمراً بدهياً، بل يحتاج إلى إعمال ذهن وشيء من التفكير والتأمل.
٣- لقولنا (على أحكام جزئياته) ولم نقل: (على جميع جزئياته)، لأن كثيراً من القواعد أغلبية، وذلك لوجود مستثنيات خارج عنها كما سبق. هذا باختصار فيما يتعلق بالقاعدة لغة واصطلاحاً.


الصفحة التالية
Icon