فهو الذي لا يشغله شأن عن شأن. ذلك الله رب العالمين. وهو القادر على أن يخاطب العقل والقلب معًا بلسان، وأن يمزج الحق والجمال معًا، يلتقيان ولا يبغيان، وأن يخرج من بينهما شرابًا خالصًا سائغًا للشاربين. وهذا هو ما تجده في كتابه الكريم حيثما توجهت. ألا تراه في فسحة قصصه وأخباره، لا ينسى حق العقل من حكمة وعبرة؟ أو لا تراه في معمعة براهينه وأحكامه، لا ينسى حظ القلب من تشويق وترقيق، وتحذير وتنفير، وتهويل وتعجيب، وتبكيت وتأنيب؟ يبث ذلك في مطالع آياته ومقاطعها وتضاعيفها. " تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ". " إنه لقول فصل * وما هو بالهزل " وكتب السيد هبة الدين الحسيني رسالة جيدة في إعجاز القرآن لخصها الأستاذ "عيسى صباغ " في هاتين النظرتين. يقول الشيخ " هبة الدين " : لا ريب أن القرآن قد أدهش نوابغ العرب وأخرس شقشقة البلغاء في عصره. ولكن ألأسلوبه الرائق، ولفظه الريق، ونظامه العجيب؟ أم لبدائع معانيه الجذابة، وعظمة مبادئه، ولطائف أمثلته؟ لا نعلم… وإنما نعلم أنه أدهش ويدهش العربي العارف… وربما كان أثره في العامة من النواحي الأولى، وفي الخاصة من النواحي الأخرى. كما أثر بأنبائه الغريبة، وبأسرار إشاراته واستعاراته في الأجيال السائرة. ص _١٣٢


الصفحة التالية
Icon