قال " خنافر ": وكان زئيي في الجاهلية لا يكاد يتغيب عني، فلما شاع الإسلام فقدتة مدة طويلة وساءني ذلك. فبينا أنا ليلة بذلك الوادي نائم إذ هوى هوي العقاب، فقال: خنافر؟ فقلت: شصار؟ فقال: اسمع أقل. قلت: قل أسمع. فقال: عه تغم. لكل مدة نهاية، وكل ذي أمد إلى غاية قلت: أجل. فقال: كل دولة إلى أجل، ثم يتاح لها حول. انتسخت النحل ورجعت إلى حقائقها الملل! إنك سجير موصول والنصح لك مبذول، وإني آنست بأرض الشام نفرًا من آل العذام حكامًا على الحكام، يذبرون ذا رونق من الكلام ليس بالشعر المؤلف ولا السجع المتكلف، فأصغيت فزجرت، فعاودت فظلفت. فقلت: بم تهينمون وإلام تعتزون؟ قالوا: خطاب كبار، جاء من عند الملك الجبار. فاسمع يا شصار عن أصدق الأخبار، واسلك أوضح الآثار، تنج من أوار النار. فقلت: وما هذا الكلام؟ قال فرقان بين الكفر والإيمان، رسول من مضر، من أهل المدر، انبعث فظهر، فجاء بقول قد بهر، وأوضح نهجًا قد دثر، فيه مواعظ لمن اعتبر، ومعاذ لمن ازدجر، ألف بآلآي الكبر. قلت: ومن هذا المبعوث من مضر؟ قال: أحمد خير البشر. فإن آمنت أعطيت الشبر، وإن خالفت أصليت سقر. فآمنت يا خنافر، وأقبلت إليك أبادر، فجانب كل كافر، وشايع كل مؤمن طاهر، وإلا فهو الفراق لا عن تلاق. ص _١٤٠


الصفحة التالية
Icon