رواه البخاري (١)
قال الله تعالى :﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢).
إن أثر القرآن لا ينحصر على من يعقله من البشر بل إن الجبال لتخشع من كلام الله تعالى وإن الحيوانات لَتُحِس بأثره ولكن ذلك لا يظهر للناس إلا بكرامة خارقة للعادة يُظهرها الله تعالى لمن يشاء من عباده مثل ما حصل لأسيد بن حضير في هذا الحديث.
والكرامات لأولياء الله الصالحين حق وصدق شأنها شأن المعجزات للأنبياء والمرسلين. لكن كما هو واضح من هذا الحديث أن الله يظهرها حين يشاء لمن يشاء من غير أن يطلبها العبد الصالح فهي نعمة من الله لتثبيت المؤمنين لكي يزدادوا إيمانا لا ليغتروا أو يُعجبوا بأنفسهم وكأنهم هم الذين صنعوها.
إن العبد الصالح إذا ظهرت على يديه كرامة من خوارق العادات تَكَتَّمَ عليها وخشي أن تظهر وتشتهر ولكن أن ظهرت واشتهرت حمد الله تعالى عليها ودعى الله أن لا يجعلها استدراجا. والفرق بين الكرامة والاستدراج أن تظهر الكرامة للعبد الصالح الملتزم بأحكام القرآن الكريم وسنة الرسول ﷺ. أما الاستدراج فهو ظهور خوارق للعادات على يد من لا يزيده ذلك إلى بعدا عن أحكام كتاب الله وسنة نبيه وفي ذلك يقول بعض الصالحين : إذا رأيت العبد يطير في الهواء ويسير على الماء ويخالف سنة من سنن النبي ﷺ فاعلم أنما يُسَوَّل له.
٦- عن سمرة بن جندب (٣) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
" كل مُؤدِب يحب أن تؤتى مأدبته. ومأدبة الله القرآن فلا تهجروه".

(١) وكذلك مسلم والنسائي وأحمد والطبراني والحاكم بلفظ مختلف.
(٢) سورة الحشر الآية ٢١.
(٣) هو سمرة بن جندب بن هلال الفزازي من خلفاء الأنصار كان غلاما رفض رسول الله إشراكه في إحدى الغزوات وقبل غيره فعرض أن يصرع ذلك الغلام فقبله رسول الله بعد صرعه. توفي عام ٦٠ هـ.


الصفحة التالية
Icon