ربما تعدل ثمن سيارة في زمننا هذا - هذا المثال حث على تعلم القرآن وفضله على العمل الدنيوي البحت بدرجات كثيرة.
أما اكتساب الرزق الحلال لكي يتقي المرء سؤال الناس والحاجة إليهم بما يكفيه ويكفي من يعيلهم من أفراد أسرته فهو فرض أيضا. إن تعلم أسس الإسلام وفرائضه التي لا بد منها لكل مسلم مقدم على السعي العلم الذي هو من تكميليات الشريعة كالنحو والبلاغة مثلا.
أما إذا كان للمرء سعة في وقته بحيث يستطيع أن يتعلم دون أن يؤثر ذلك على اكتسابه للرزق فلا جدال في أفضلية طلب العلم والله يرفع الذين أوتو العلم درجات.
١٢- عن أبي هريرة (١) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :
" ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ".
رواه مسلم وأبو داؤد
يلاحظ في هذا الحديث أن ترغيب الرسول ﷺ للمؤمنين في اكتساب العلم مقترن بالثواب يوم القيامة وليس بثواب دنيوي رغم أن العلم قد يدر على صاحبه مكانة دنيوية أو أجرا ماديا ولكن أقصى درجات الرفعة والمنزلة والثواب هي أن يذكر الله تعالى العبد كما قال ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ (٢). لأن تلاوة كتاب الله ذكر لله تعالى والله يذكر من يذكره. إن الثواب والعقاب غالبا ما يكون من جنس العمل. فمن يسلك طريق العلم يسهل الله له الطريق إلى الجنة ومن يذكر الله بتلاوة كتابه يذكره الله ومن يذكر الله في ملأ يذكره الله في ملأ خير من ملأه ومن يغفل عن الله تعالى لا يأبه الله تعالى به.
وإن تدارس القرآن منار لاستلهام كل العلوم الشرعية فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : من أراد العلم فليثوِّر القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين.
إن للمساجد منزلة عالية عند الله فهي بيوت العبادة وهي بيوت العلم وهي بيوت الذكر. فيها كانت تعقد حلقات العلم وفيها كانت تقرر عظائم الأمور ومنا تعقد رايات الجهاد وفيها يتم
(٢) سورة البقرة الآية ١٥٢.