الباب الأول
فضائل تلاوة القرآن
قال الله تعالى في كتابه الكريم :﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ فتلاوة (١) آيات القرآن العظيم تزيد المؤمنين إيمانا.
١- عن عبد الله بن عباس (٢) رضي الله عنهما قال : قال رجل يا رسول الله : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال :" الحال المرتحل ". قال وما الحال المرتحل ؟ قال :" الذي يضرب من أول القرآن كلما حل ارتحل".
رواه الترمذي
يؤكد رسول الله ﷺ في هذا الحديث فضيلة الشغف بتلاوة القرآن مرة بعد أخرى كلما وجد المرء إلى ذلك سبيلا. وهو يشير فيما يشير إليه إلى فضيلة اتخاذ ورد مستمر من القرآن الكريم. قيل أن المراد بالحال المرتحل الحث على تكرار الختم ختمة بعد أخرى، ويستحب إذا ختم القرآن وقرأ المعوذتين أن يقرأ الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة ( إلى قوله تعالى – هم المفلحون ) لكي يتم المعنى الحرفي للحديث الشريف هذا بأن لا ينهي ختمة إلا ويبدأ بالأخرى.
إن هناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تحدد أفضل الأعمال، مثل أفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وهذا الحديث يعضد حديث الحال المرتحل لأنه حديث عام عن أفضلية الأعمال المستمرة على الأعمال المتقطعة وحديث الحال المرتحل يحدد فضل استمرار تلاوة القرآن.
كما أن هناك أحاديث أخرى تحدد أفضل الأعمال بالجهاد في سبيل الله أو بالحج المبرور وغيرها. ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث جميعا بأن هناك أعمالا مؤقتة هي أفضل من غيرها في أوقات محددة. فإذا حضر الجهاد فهو أفضل عمل حتى من تلاوة القرآن أو الصلاة، وإذا وجب الحج فهو أفضل الأعمال ولا يمنع أدائه من تلاوة القرآن لذلك فإن هذا الحديث حين يشير إلى فضل
(٢) هو عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، إبن عم رسول الله صلى الله عبه وسلم. ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، دعا له رسول الله ﷺ بأن يعلمه الله الحكمة ويفقهه في الدين ويعلمه التأويل. كان من أعلم الصحابة توفي عام ٦٨ هـ.