الله تعالى. كما قال عز وجل :﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا﴾ (١).
وقال وهيب بن الورد رضي الله عنه (٢) : نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد أرق للقلوب ولا أشد استجلابا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره، ويبين تسلسل الحديث أن أفضل تلاوة القرآن في الصلاة ثم في غيرها. فالركعتان من الصلاة اللتان يحبهما الله لا بد وأن يتلى فيهما كتابه.
تلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قوله تعالى ﴿ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ (٣) فسأل نفسه وهو العربي الأصيل، قد علمنا الفاكهة فما الأب (٤) ؟ ثم عاد لنفسه قائلا : وما يَضُرُّ ابن الخطاب أن لا يعلم ما الأب ؟ تالله إن هذا لمن التكلف (٥) الذي نهينا عنه. وهكذا آمن السلف الصالح بالقرآن سواء عرفوا أم لا ما داموا قد أيقنوا أنه كلام الله تعالى وما داموا لم يهملوا تطبيق أحكامه وأوامره.
٤- عن أبي موسى (٦) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
" مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأُترُجَّة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر".

(١) سورة النساء الآية ١٧٤.
(٢) وهيب بن الورد أبو عثمان يقال اسمه عبد الوهاب قرشي مكي وهو ثقة عابد من طبقة كبار اتباع التابعين.
(٣) سورة عبس الآيات ٢٧-٣١.
(٤) الأب هو المرعى كما يروى عن ابن عباس وهو رأي الجمهور من العلماء.
(٥) إشارة إلى قوله تعالى :﴿ قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ سورة ص – الآية ٨٦.
(٦) هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حصار الأشعري توفي سنة ٤٤ هـ وهو ابن نيف وستين.


الصفحة التالية
Icon