وبه قال أبو عُبيدة مَعْمَر بن المثنَّى(١).
... قال أصحاب هذا القول: إن ﴿ مِنَ ﴾ في الآية مثل ﴿ مِنَ ﴾ في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ [النجم: ٢٨].
... وذهب بعض المفسرين إلى أن معنى قوله تعالى: ﴿ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ أي: من عذاب الله.
... وممن قال بهذا: ابن الجوزي، والنسفي، وذكره البيضاوي(٢) (٣).
... وذكر المفسرون معنىً ثالثاً لقوله تعالى: ﴿ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ قالا: المعنى: بدل رحمة الله وطاعته، فتكون ﴿ مِنَ ﴾ على هذا القول بمعنى (بدل) (٤).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - صحة المعاني المذكورة في معنى قوله تعالى: ﴿ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾، ولذا يمكن القول بها جميعاً أو بأحدها عند تفسير الآية، فلا منافاة بينها ولا تعارض يسقط أحد الأقوال عند القول بالآخر.
... وقد جمع بعض المفسرين بينها أو بين بعضها عند تفسيره للآية.
(٢) هو: عبدالله بن عمر البيضاوي الشافعي، أبو الخير، كان إماماً علامة بالفقه والتفسير والمنطق، له مصنفات في التفسير والأصول، ولي القضاء إلى أن توفي سنة (٦٨٥هـ).
... انظر ترجمته: طبقات الشافعية للسبكي: ٨/١٥٧. والوافي بالوفيات للصفدي: ١٧/٢٠٦.
(٣) انظر: زاد المسير لابن الجوزي: ص ١٨٠، ومدارك التنزيل للنسفي: ١/١٧٤، وأنوار التنزيل للبيضاوي: ٢/١١.
(٤) ممن ذكره: البيضاوي في أنوار التنزيل: ٢/١١، والشوكاني في فتح القدير: ١/٥٣٦، ووصفه بالبعد.