... وفي قول أبي عبيد جمع بين القولين وتفسير للّفظة بالسّياق، وهي الآيات التي تلي هذه الآية: ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾ [المعارج: ٢٠ - ٢١].
*... *... *
اهتمامه بالقراءات وتوجيهها
المطلب الرابع
اهتمامه بالقراءات وتوجيهها
... نزل القرآن الكريم على قلب النبي ﷺ مفرّقاً، وكان جبريل يعلّمه، والنبي ﷺ يعلم أصحابه، ويلقّنهم، وكان الاعتماد في ذلك على حفظه في الصدور أكثر من حفظه في السطور، قال تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: ٤٩] وهذا مما شرَّف الله به هذا الكتاب وأهله.
... يقول ابن الجزري(١): (وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب، ولا يقرؤونه كلّه إلا نظراً لا عن ظهر قلب) (٢).
... وكان من أصحاب النبي ﷺ نفر حفظوا القرآن في حياته، وأُخِذ عنهم عَرْضاً، وعليهم دارت أسانيد القراء العشرة(٣).
... وقد نُقل عن كثير من الصحابة - غير هؤلاء - كثير من وجوه القراءة، كأبي هريرة(٤)،

(١) هو: محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري الشافعي الدمشقي، أبو الخير، شمس الدين الحافظ، مقرئ الممالك الإسلامية، طلب الحديث والقراءات وبرز فيهما، توفي سنة (٨٣٣هـ).
... انظر ترجمته: شذرات الذهب لابن العماد: ٧/٢٠٤. والضوء اللامع للسخاوي: ٩/٢٥٥.
(٢) النشر في القراءات العشر لابن الجزري: ١/٦. مكتبة الرياض الحديثة.
(٣) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي: ١/٢٤.
(٤) هو: عبدالرحمن بن صخر الدوسي اليماني، أبو هريرة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان سيِّد الحفاظ الأثبات، حدَّث عن خلق كثير من الصحابة، توفي سنة (٥٧هـ).
... انظر ترجمته: الطبقات الكبرى لابن سعد: ٢/٣٦٢. والإصابة لابن حجر: ٤/٣١٦.


الصفحة التالية
Icon