... وكان أبو عبيد القاسم بن سلام أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب(١)، وكتابه من أجلِّ ما صُنّف في علم القراءات، جمع فيه الروايات والمعاني، وتحدث فيه عن أهل القرآن من الصحابة والتابعين، ومن اشتهر بالقراءة والإقراء(٢).
... كما أن له - رحمه الله - توجيهاً للقراءات واختياراً فيها مشتملاً على ذكر من قرأ بها وحجة كل فريق ثم يذكر اختياره مع التعليل(٣).
... وقد ظهر اهتمام أبي عبيد القاسم بن سلام بالقراءات وتوجيهها من خلال أقواله التفسيرية؛ فمن ذلك:
... ما جاء عند تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ﴾ [آل عمران: ١٤٠] (واختلفوا هل معنى القراءتين واحد أم لا؟
فقال أبو عبيد: القَرح بالفتح: الجراح والقتل، والقُرح بالضم: ألم الجراح.
وقال الزجاج: هما في اللغة بمعنى واحد، ومعناه: الجراح وألمها) (٤).
*... *... *
العناية بأساليب العرب ومناحيهم في الكلام
المطلب الخامس
العناية بأساليب العرب ومناحيهم في الكلام
... تعد اللغة العربية من أهم مصادر التفسير، ولا يصح لمفسّر أن يفسّر القرآن الكريم وهو جاهل بلغة العرب.

(١) نص على ذلك ابن الجزري في النشر: ١/٣٤.
(٢) انظر: جمال القراء للسخاوي: ٢/٤٢٤.
(٣) بحثت اختيارات أبي عبيد القاسم بن سلام في ثلاث رسائل علمية، ثنتان منها دكتوراه للباحثين: عبدالعزيز كاري، ومحمد موسى حسين نصر، ورسالة ماجستير للباحث: عبدالباقي سيسي.
(٤) زاد المسير لابن الجوزي: ص ٢٢٦، المكتب الإسلامي ودار ابن حزم. وانظر دراسة المسألة في أقوال أبي عبيد في سورة آل عمران، الآية (١٤٠).


الصفحة التالية
Icon