وبعد وفاة رسول الله - ﷺ - واتساع رقعة الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين من بعده، دخل في دين الله أفواج من الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، فازدادت الحاجة للعلماء ليعلموا الناس ما جهلوه، ويبينوا لهم ما يشكل عليهم، فتفرق صحابة رسول الله - ﷺ - في الأمصار فكان منهم الولاة، ومنهم القضاة، ومنهم المعلمون، ومنهم غير ذلك.
وحمل هؤلاء معهم إلى هذه البلاد التي رحلوا إليها ما وعوه من العلم، وما حفظوه عن رسول الله - ﷺ - فجلس إليهم كثير من الناس يأخذون عنهم العلم، ويتعلمون على أيديهم.
قال الذهبي: ومن المعلوم أن ما نُقل عن رسول الله - ﷺ - من التفسير لم يتناول كل معاني القرآن، وإنما فسر ما غمض فهمه على الصحابة(١)،" فاحتاج المنشغلون بالتفسير من بعده إلى أن يكملوا فزادوا في التفسير بمقدار ما زاد من غموض معتمدين على ما عرفوه من لغة العرب، وعلى ما صح لديهم من الأحداث التي حدثت في عصر نزول القرآن، وغيره من أدوات الفهم"(٢).
ومما يدل على اجتهادهم، أننا نرى الصحابة "قد اختلفوا في تفسير القرآن على وجوه وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي - ﷺ - "(٣).
ويدل على أهمية أقوال الصحابة ومكانتها أمور منها:

(١) على القول الراجح. انظر: التفسير والمفسرون/ للذهبي/١/٥٨.
(٢) التفسير والمفسرون ١/١٠٩.
(٣) تفسير القرطبي ١/٣٣.


الصفحة التالية
Icon