ومن كراماته - رضي الله عنه - ما رواه ثابت قال: كنت مع أنس فجاء قيم وفي رواية(قهرمانة) فقال: يا أبا حمزة عطشت أرضنا. قال: فقام أنس فتوضأ، وخرج إلى البرية، فصلى ركعتين، ثم دعا، فرأيت السحاب يلتئم. قال: ثم أمطرت حتى ملأت كل شيء، فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله، فقال: انظر أين بلغت السماء. فنظر فلم تعد أرضه إلا يسيراً وذلك في الصيف. روى نحوه الأنصاري عن أبيه، عن ثمامة. قال الذهبي: هذه كرامة بينة ثبتت بإسنادين(١).
وفي خلافة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - كتب الصديق كتاباً لأهل اليمن يستنفرهم للجهاد وبعث بهذا الكتاب مع أنس(٢)، قال أنس: أتيت اليمن فبدأت بهم حياً حياً وقبيلة قبيلة أقرأ عليهم كتاب أبي بكر الصديق، فإذا فرغت من قراءته قلت: الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وبعد فإني رسول خليفة رسول الله إليكم ورسول المسلمين، ألا وإني تركتهم معسكرين ليس يمنعهم عن الشخوص إلى عدوهم إلا انتظاركم، فعجلوا إلى إخوانكم بالنفر رحمكم الله أيها المسلمون، قال: فكان كل من أقرأ عليه ذلك الكتاب ويسمع مني هذا القول يحسن الرد ويقول: نحن سائرون، حتى انتهيت إلى ذي الكلاع فلما قرأت عليه الكتاب وقلت له هذا المقال دعا بفرسه وسلاحه ونهض في قومه وأمره بالعسكرة، فما رضي حتى عسكر وعسكر معه جموع كثيرة من أهل اليمن ونفر بعدد من الناس كثير، وأقبل بهم على أبي بكر(٣).

(١) انظر: سير أعلام النبلاء٣/٤٠١، والبداية والنهاية٩/٩٠، والإصابة١/١٢٨، وكرامات الأولياء١/١٤٧حديث (١٠٥).
(٢) تاريخ دمشق٢/٦٦.
(٣) الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - ﷺ - ٣/١١٧.


الصفحة التالية
Icon