ومع ذلك كان - رضي الله عنه - ينصح تلاميذه بالصبر، فعن ابن عدي قال: دخلنا على أنس نشكوإليه ما نلقى من الحجاج فقال: اصبروا فإنه ما من عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعت هذا من نبيكم(١).
وقد أنزل الحجاج أنواع الأذى بأنس قال زياد بن أيوب، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، أن أنساً كتب إلى عبد الملك يشكوإليه الحجاج ويقول: والله لوأن اليهود والنصارى رأوا من خدم نبيهم لأكرموه، وأنا قد خدمت رسول الله - ﷺ - عشر سنين. فكتب عبد الملك إلى الحجاج كتاباً فيه كلام جد وفيه: إذا جاءك كتابي هذا فقم إلى أبي حمزة فترضاه وقبل يده ورجله وإلا حل بك مني ما تستحقه. فلما جاء كتاب عبد الملك إلى الحجاج هم أن ينهض إليه فأشار عليه إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر الذي قدم بالكتاب أن لا يذهب إلى أنس وأشار على أنس رضي الله عنه أن يبادر إلى الحجاج بالمصالحة- وكان إسماعيل صديق الحجاج-فجاء أنس فقام إليه الحجاج يتلقاه وقال: إنما مثلي ومثلك إياك أعني واسمعي يا جارة، أردت أن لا يبقى لأحد علي منطق(٢).

(١) أخرجه البخاري/ كتاب الفتن/ باب لايأتي زمان إلا والذي بعده شر منه٦/٢٥٩١حديث (٦٦٥٧)، وأحمد٣/١٣٢حديث (١٢٣٦٩)، ٣/١٧٧حديث (١٢٨٤٠)، ٣/١٧٩حديث (١٢٨٦١)، والترمذي/ كتاب الفتن/ باب ما جاء في أشراط الساعة٤/٤٩٢حديث (٢٢٠٦)، وابن حبان١٣/٢٨٢حديث (٥٩٥٢)، وأبويعلى٧/٩٧حديث (٤٠٣٧)، والطبراني في الصغير١/٣١٩حديث (٥٢٨).
(٢) البداية والنهاية٩/٩١، وتهذيب الكمال٣/٣٧٤، وسير أعلام النبلاء٣/٤٠٤.


الصفحة التالية
Icon