ولا شك في أن قرب أنس من رسول الله - ﷺ - ومخالطته إياه مخالطة مكنته من الإطلاع على ما لم يستطع غيره الإطلاع عليه، روي عنه في نزول آيات الحجاب أنه قال( كنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل)(١). قوله ( بشأن الحجاب) أي بسبب نزوله(٢). وفي رواية أخرى( وقد كان أبي بن كعب يسألني عنه) (٣)قال ابن حجر: فيه إشارة إلى اختصاصه بمعرفته؛ لأن أبي بن كعب أكبر منه علماً وسناً وقدراً(٤).
وبعد وفاة رسول الله - ﷺ - تلقى أنس عن أصحاب رسول الله - ﷺ -، فكان يأخذ عنهم كثيراً من معاني كتاب الله، وممن تلقى عنهم التفسير من الصحابة عمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان وأبي بن كعب وغيرهم.
وقد بعث عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري فقال: يا أبا موسى إني أبعثك إلى أرض قد باض بها الشيطان وفرخ فالزم ما تعرف ولا تستبدل فيستبدل الله بك فقال: يا أمير المؤمنين أعني بعدة من أصحاب رسول الله - ﷺ - من المهاجرين والأنصار ممن أحببت. فاستعان بتسعة وعشرين رجلاً منهم أنس ابن مالك(٥). فانتقل أنس - رضي الله عنه - إلى البصرة وأخذ يعلم الناس الفقه ومعاني القرآن(٦).
وقد روى عنه جماعة من التابعين في التفسير ومعاني القرآن ممن سيأتي ذكرهم

(١) أخرجه البخاري/ كتاب النكاح/ باب الوليمة حق٥/١٩٨٢حديث (٤٨٧١)، كتاب الإستئذان/ باب آية الحجاب ٥/٢٣٠٣حديث (٥٨٨٤)، والبيهقي٧/٨٧حديث (١٣٢٨٠)، وأحمد٣/١٦٨حديث (١٢٧٣٩)، وابن حبان١١/٥٤٥حديث (٥١٤٥)، والشيباني في الآحاد والمثاني٥/٤٢٨حديث (٣٠٩٠)، والبخاري في الأدب المفرد١/٣٦١حديث (١٠٥١)والطحاوي٤/٣٣٣حديث (٦٧٠٣)، وعند الطبراني في الكبير( أعلم الناس بمكان الحجاب)٢٤/٤٩حديث (١٣١).
(٢) فتح الباري ١١/٢٣.
(٣) انظر الأثر (١٢٧).
(٤) فتح الباري ١١/٢٣.
(٥) تاريخ الطبري٢/٤٩٣.
(٦) طبقات المفسرين للدوادي١/٧.


الصفحة التالية
Icon