وقد قسم الذهبي تلاميذه الذين رووا عنه إلى ثلاثة أقسام فقال: (بقي أصحابه الثقات إلى بعد الخمسين ومائة، وبقي ضعفاء أصحابه إلى بعد التسعين ومائة، وبقي بعدهم ناس لا يوثق بهم بل اطرح حديثهم جملة، كإبراهيم بن هدبة ودينار أبومكيس وخراش بن عبد الله، وموسى الطويل عاشوا مدة بعد المائتين فلا اعتبار بهم، وإنما كان بعد المائتين بقايا ممن سمع من ثقات أصحابه، كيزيد بن هارون وعبد الله بن بكر السهمي ومحمد بن عبد الأنصاري، وأبي عاصم النبيل، وأبي نعيم وقد سرد صاحب التهذيب نحومائتي نفس من الرواة عن أنس)(١).
لهذا كله أصبح أنس رضي الله عنه حجة أهل الحق في العراق، وقف في وجه أصحاب الأهواء الفاسدة والعقائد المنحرفة الذين أول ما ظهروا في العراق، وعرف أهل الفضل والعلم له هذه المكانة الرفعية(٢).
قال مورق العجلي لما توفي أنس رضي الله عنه: ذهب اليوم نصف العلم فقيل: وكيف ذاك؟ قال: كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث عن رسول الله ^ قلنا له: تعال إلى من سمعه منه(٣).
*... *... *
المطلب الخامس: دراسة أشهر من روى عن أنس في التفسير:
يعتبر أنس رضي الله عنه شيخاً لمجموعة من علماء التابعين، وكان أنس شديد المحبة لتلاميذه يدنيهم ويكرمهم ويثني عليهم، قال مالك بن دينار: أتينا أنس بن مالك أنا وثابت ويزيد الرقاشي وزياد النميري وأشباهنا، فنظر إلينا فقال: ما أشبهكم بأصحاب محمد - ﷺ - ثم قال: والله لأنتم أحب إلي من عدة ولدي إلا أن يكونوا في الفضل مثلكم، وإني لأدعولكم بالأسحار(٤).

(١) سير أعلام النبلاء ٣/٣٩٦، وأعلام المسلمين ١٠٩.
(٢) انظر: أعلام المسلمين أنس بن مالك١١٤.
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير١/٢٥٠حديث (٧١٩)، والبخاري في الكبير٢٠/٢٧حديث (١٥٧٩). ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد٩ /٣٢٥ وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(٤) انظر: الطبقات لابن سعد٧/٢٣٢، وتهذيب الكمال٣/٣٧١.


الصفحة التالية
Icon