وعنه أيضاً قال: سأل أهل مكة النبي - ﷺ - آية فانشق القمر بمكة مرتين فقال اقتربت الساعة وانشق القمر(١). والأمثلة في ذلك كثيرة(٢).
*... *... *
المطلب الخامس: اجتهاده واستنباطه.
كان الصحابة إذا لم يجدوا التفسير في كتاب الله ولم يجدوا شيئاً في ذلك عن رسول الله - ﷺ - اجتهدوا في الفهم. وهذا بالنسبة لما يحتاج إلى نظر واجتهاد، وكانوا يستعينون على ذلك بمعرفة عادات العرب.
ومعلوم أن بعض آيات القرآن نزلت تعالج حالات من الانحراف التي تفشت في المجتمع في ذلك الوقت الذي نزلت فيه، فلا يمكن فهم المراد منها إلا لمن عرف عادات العرب في الجاهلية وقت نزول القرآن.
ومن أمثلة ذلك مما جاء في تفسير أنس - رضي الله عنه - تفسيره لقوله تعالى(¨bخ) الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ جچح !$yèx© اللَّهِ )(٣). قال: إن الصفا والمروة من مشاعر قريش في الجاهلية، فلما كان الإسلام تركناهما(٤).
وقوله: (#sŒخ*sù قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } (٥) قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول بعضهم: كان أبي جز نواصي بني فلان(٦).
ومما يستعان به في الاجتهاد: معرفة أحوال اليهود والنصارى في جزيرة العرب وقت نزول القرآن، وهذا لا شك في أنه يعين على فهم الآيات التي فيها الإشارة إلى أعمالهم والرد عليهم.

(١) انظر الأثر رقم( ١٥٥).
(٢) يراجع في ذلك مثلاً الآثار: (٢٢)، ( ٣١ )،( ٤٧ )، (٦١)(٧١ )،( ٧٦)، (٧٨)،(٨٠).
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٥٨.
(٤) انظر الأثر رقم(٣)، (٤ )، (٥)، (٦)، (٧).
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٠٠.
(٦) انظر الأثر رقم(١٨).


الصفحة التالية
Icon