قال ابن حجر:( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم: أي إذا كان ما يخبروكم به محتملاً، لئلا يكون في نفس الأمر صدقاً فتكذبوه أوكذباً فتصدقوه فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذبيهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه).
ثم قال: وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف(١).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:( وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحاً فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي - ﷺ - أومن بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين) (٢).
وأنس رضي الله عنه كان من الصحابة المقلين من الرواية عن أهل الكتاب، والناظر فيما روي عنه من أخبارهم يجد أنها في تفاصيل قصص بعض الأنبياء كما في قصة نوح - عليه السلام -، أوفي قصة يعقوب - عليه السلام - مع أولاده، أوفي قصة موسى - عليه السلام - (٣) ونحوها، وردت بأسانيد ضعيفة.
ومهما يكن من شيء فإن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يخرجوا عن دائرة الجواز التي حدها لهم رسول الله - ﷺ - وعما فهموه من الإباحة في قوله - ﷺ - ( بلغوا عني ولوآية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)(٤).
*... *... *
المطلب السابع: مميزات تفسيره رضي الله عنه.
كان لتفسير أنس بن مالك - رضي الله عنه - سمات تميز بها منهجه في التفسير، ومن هذه السمات ما يلي:

(١) فتح الباري٨/١٧٠.
(٢) فتاوى ابن تيمية١٣/٣٤٥.
(٣) انظر الأثر رقم(٨٤ )، والأثر رقم( ٨٥)، والأثر رقم( ١١٥ ).
(٤) انظر التفسير والمفسرون١/١٨٢.


الصفحة التالية
Icon