قول ابن بطال - رحمه الله -: "قوله تعالى: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾.. فالمراد به إثبات نَفْس لله، والنَفْس لفظة تحتمل معانٍ؛ والمراد بنفسه تعالى ذاته.." ا. هـ(١)
وقوله أيضاً - رحمه الله -: "استدلالاً من هذه الآية ﴿ yىsYَءçGد٩ur عَلَى ûسة_ّ‹tم ﴾ والحديث على أن لله صفة سماها عيناً، ليست هو ولا غيره، وليست كالجوارح المعقولة بيننا؛ لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء.." ا. هـ(٢)
وقوله أيضاً - رحمه الله -: "استدلالاً من هذه الآية والحديث على أن لله وجهاً هو صفة ذاته، لا يقال: هو هو، ولا هو غيره، بخلاف قول المعتزلة، ومحال أن يقال: هو جارحة كالذي نعلمه من الوجوه، كما لا يقال: هو فاعل وحي وعالم، كالفاعلين والأحياء والعلماء الذين نشاهدهم، وإذا استحال قياسه على المُشاهَدين، فالحكم له بحكمهم مع مشاركتهم له في التسمية، كذلك يستحيل الحكم لوجهه الذي هو صفة ذاته بحكم الوجوه التي نشاهدها، وإنما لم يجز أن يقال: إن وجهه جارحة لاستحالة وصفه بالجوارح؛ لما فيها من أثر الصنعة، ولم يقل في وجهه: أنه هو لاستحالة كونه تعالى وجهاً، وقد أجمعت الأمة على أنه لا يقال: يا وجه اغفر لي، ولم يجز أن يكون وجهه غيره؛ لاستحالة مفارقته له بزمان أو مكان أو عدم أو وجود، فثبت أن له وجهاً لا كالوجوه؛ لأنه ليس كمثله شيء" ا. هـ(٣)
ثالثاً: تأويله بعض صفات الله عز وجل الواردة في بعض الآيات، وفق منهج الأشاعرة، ومن الأمثلة على ذلك:
(٢) انظر: الموضع رقم (٩٣).
(٣) انظر: الموضع رقم (١٠٣)، وانظر كذلك المواضع التالية: (١١٦)، و(١١٨).
وجعل هذه الأحاديث مفسِّرة للآية، وهذا هو الراجح في معنى هذه الآية، ويؤيد هذا المعنى حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما نزلت ؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟ بلغت من المسلمين مبلغاً شديداً، فقال رسول الله - ﷺ -: "قاربوا وسددوا ففي كل ما يُصاب به المسلم كفارة حتى النكبة يُنكبها والشوكة يُشاكها"( ). ففسَّر رسول الله - ﷺ - ما أجمله التنزيل( ).
واختار هذا القول جمع من أهل التفسير، كابن جرير( )، وغيره( )، وهذا هو قول الجمهور من أهل العلم( ).
؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (النساء: ١٦٤).
٣٥/١٢ قال ابن بطال -رحمه الله-: ".. وقوله تعالى: ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ أجمع أهل السنة على أن الله كلم موسى بلا واسطة ولا ترجمان، وأفهمه معاني كلامه، وأسمعه إياها، إذ الكلام مما يصح سماعه... وإذا كان كذلك وجب أن يكون تعالى قادراً على أن يعلِّم موسى كلامه الذي لا يشبه كلام المخلوقين، الخارج عن كونه حروفاً منظمة وأصواتاً مقطعة اضطراراً، أو ينصب له دليلاً إذا نظر فيه أداه إلى العلم بمعاني كلامه.." ا. هـ (١٠/٥٠٨)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
أشار ابن بطال هنا إلى مسألتين:
المسألة الأولى: الإجماع على أن الله كلم موسى بلا واسطة ولا ترجمان، كما نص على ذلك غير واحد من المفسرين. قال ابن جرير بعد ذكره لهذه الآية: "فإنه يعني بذلك جل ثناؤه: وخاطب الله بكلامه موسى خطاباً" ا. هـ( )، وكذا قال غيره من أهل التفسير( )، وغيرهم من أهل العلم( ).
قال ابن حزم: ".. بعد أن أجمع جميع أهل الإسلام كلهم على أن لله تعالى كلاماً، وعلى أن الله كلم موسى -عليه السلام-.." ا. هـ( )
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
١٢٠/٢ قال ابن بطال - رحمه الله -: "وليس قوله: ((لا يجمع الله عليك ميتتين))(١) بمعارض لقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا $sYFtBr& اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ﴾ (٢)؛ لأن الميتة الأولى خلقه الله من تراب ومن نطفة؛ لأن التراب والنطفة موات، والموات كله لم يُمِت نفسه، إنما أماته الله الذي خلقه، والموت الثاني الذي يموت الخلق.
وأما قوله تعالى: ﴿ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ﴾ يعني: حياة الدنيا والحياة في الآخرة بعد الموت، هذا قول ابن مسعود(٣)، والسائب بن يزيد، وابن جريج،... ، وفي الآية قول آخر رُوي عن الضحاك(٤) أنه قال: الميتة الأولى ميتته، والثانية: موته في القبر بعد الفتنة والمساءلة.....................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
(٢) أراد بذلك أن الله لا يجمع عليه ميتتين في الدنيا، أما الميتتان التي يمر بهما كل مخلوق فقد حصلت للنبي - ﷺ -، وعلى هذا المعنى، فلا تعارض بين قول أبي بكر -رضي الله عنه-، والآية.
(٣) رواه عنه ابن جرير في جامع البيان (١١/٤٤)، وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (١٠/٣٢٦٥). وقد قال بهذا القول أيضا : ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة، والضحاك، وأبو مالك. رواه عنهم ابن جرير في جامع البيان (١١/٤٤-٤٥).
(٤) لم أجد هذا القول منسوباً للضحاك، وإنما هذا القول منسوب إلى السدي، رواه عنه ابن جرير في جامع البيان (١١/٤٥). وقد نسبه إلى السدي كثير من المفسرين، انظر: معالم التنزيل (٤/٨٢)، والمحرر الوجيز (١٦٣٠).