ومحمد بن صالح بن هانئ(١) ومحمد بن القاسم العتكي(٢).
ومحمد بن علي العدل(٣) وعمرو بن محمد بن منصور(٤) وأحمد بن شعيب الفقيه(٥) ومحمد بن يعقوب الأخرم(٦) وآخرون (٧).
٤- عقيدته:
تعتبر عقيدة المرء من أهم الجوانب في حياته، ولها أثر على سلوكه وحياته، وإذا كان له آثار علمية مدوَّنة، فإنها ـ لا محالة ـ ستظهر فيها.
وإبراز الجانب العَقَدي مما ينبغي للباحث أن يبرزه من خلال الآثار التي تركها العالم، وإذا نظرت إلى تاريخ الفرق التي كانت قبل الحسين بن الفضل الذي توفي في أواخر القرن الثالث، فسنجد الفرق الآتية: الخوارج، والسَّبئية التي أفرزت عقيدة الرَّفض، والقدرية، والجهمية والمعتزلة، وهذا يعني أن بعض الفرق لم تظهر كالأشاعرة، لكن حركة تأويل النصوص كانت موجودة فيما قبل
(٢) محمد بن القاسم العتكي : محمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم بن منصور العتكي النيسابوري، أبو منصور، أحد المحدثين، توفي سنة ( ٣٤٦هـ ). ينظر : السير ( ١٥/٥٢٩).
(٣) محمد بن علي العدل : محمد بن الحسين بن علي بن بكر العدل، أبو الحسن النيسابوري، وأحيانا ينسب إلى جده، توفي ( ٣٤١ هـ ). ينظر : تاريخ الإسلام للذهبي ( ص : ٢٤٩ ).
(٤) عمرو بن محمد بن منصور : عمرو بن محمد بن منصور بن مخلد بن مهران العدل الجنجروذي الختن، من أعيان مشايخ نيسابور، توفي سنة ( ٣٤٣ هـ ) ينظر الأنساب للسمعاني (٢/٩٢)، تاريخ الإسلام ( ص : ٢٨٣ ).
(٥) لم أعثر على ترجمته.
(٦) محمد بن يعقوب الأخرم : محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني النيسابوري ( ابن الأخرم )، أبو عبد الله، أحد كبار الحفاظ، له مصنفات، منها : المستخرج على الصحيحين، المسند الكبير، توفي سنة (٣٤٤ هـ )، ينظر : السير (١٥/٤٦٦)، تذكرة الحفاظ ( ٣/٨٤٦ ).
(٧) ينظر : السير(١٣/٤١٤).
قال ابن عباس: ومن يكفر بالله، قال الحسين بن الفضل (إن صحت هذه الرواية كان معناه( بربِّ الإيمان). ويحمد للحسين تعليقه النتيجة على صحة الرواية.
ب ـ في قوله تعالى ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ "ح'¨uqمƒ سَوْأَةَ دm‹½zr& قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ y"ح'¨uré'sù سَوْأَةَ ستپr& فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ [ المائدة : ٣١ ].
قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [ النجم : ٣٩ ].
قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي دN¨uq"uK، ،٩$# وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [ الرحمن : ٢٩ ].
دعا عبد الله بن طاهر، والي خراسان الحسين بن الفضل، فقال له: أشكلت عليَّ ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي قال: وما هنَّ أيُّها الأمير، قال: قوله تعالى في وصف ابني آدم.
﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ tûüدBد"¨Y٩$# ﴾ وصحَّ الخبر بأن الندم توبة.
وقوله: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾، وصحَّ الخبر بأن القلم قد جفَّ وجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة.
وقوله: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ فما بال الأضعاف، فقال الحسين بن الفضل: يجوز أن لا يكون ندمُ قابيل توبة ً له، ويكون ندم هذه الأمة توبةً لها لأنَّ
الله تعالى خصَّ هذه الأمة بخصائص لم يشركهم فيها غيرهم من الأمم. وفيه قول آخر، وهو أن ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل وإنما كان ندمه على حمله.
وأما قوله: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ يعني من طريق العدل، ومجاز الآية: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ عدلاً وَلي أن أجزيه بواحدة ألفاً، وأما قوله: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ فإنها شؤون يعيدها لا شؤون يبتديها، ومجاز الآية : سوق المقادير إلى المواقيت، فقام عبد الله بن طاهر، وقبَّل رأسه وسوَّغ خراجه.
و(الرَّحمة: الرِّقَّة والتَّعطُّف)(١)، فلله ـ سبحانه ـ رحمةٌ تليق بجلاله وكماله، وللخلق رحمةٌ تناسب عجزهم، إذ الخلق يَرِقُّون ولكنَّهم قد لا يستطيعون كشف الضُّر عن المرحوم، ألا ترى قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ëبƒحچxm عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] فأضاف سبحانه الرحيم لرسوله - ﷺ - وهو الذي يرحم أمته ولكن ليس بيده هدايتهم.
وأمَّا الجمع بين الرَّحمن والرَّحيم، قال ابن القيم:" ( فالرَّحمن: دالُّ على الصِّفة القائمة به ـ سبحانه ـ، والرَّحيم: دالُّ على تعلُّقها بالمرحوم، فكان الأوَّل للوصف، والثَّاني للفعل، فالأوَّل دالُّ على أنَّ الرَّحمة صفته، والثاني دالُّ على أنه يرحم خلقه برحمته. وإذا أردت هذا، فتأمل قوله: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [ الأحزاب : ٤٣ ] ﴿ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١١٧ ]، ولم يجئ قط رحمنٌ بهم، فَعُلم أنَّ "رحمن" هو الموصوف بالرَّحمة، "ورحيمٌ" هو الرَّاحم برحمته")(٢).
سورة الفاتحة
قال تعالى ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [ الفاتحة : ١ ].
... قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: " هما اسمان رقيقان أحدُهما أرقُّ من الآخر أي أكثر رحمة "(٣).
(٢) بدائع الفوائد لابن القيم ١/٢٤.
(٣) أخرجه البيهقي عن ابن عباس في الأسماء والصفات ١/١٣٩ وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره نحوه عن خالد بن صفوان التميمي ١/٢٨ وأورده البغوي في التفسير ١ / ٢ وابن كثير في تفسيره ١/٢٠، والعيني في عمدة القارئ ١٨/٧٩ والزبيدي في تاج العروس (رحم ) وابن منظور في لسان العرب ( رحم )
و(الرَّحمة: الرِّقَّة والتَّعطُّف)(١)، فلله ـ سبحانه ـ رحمةٌ تليق بجلاله وكماله، وللخلق رحمةٌ تناسب عجزهم، إذ الخلق يَرِقُّون ولكنَّهم قد لا يستطيعون كشف الضُّر عن المرحوم، ألا ترى قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ëبƒحچxm عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] فأضاف سبحانه الرحيم لرسوله - ﷺ - وهو الذي يرحم أمته ولكن ليس بيده هدايتهم.
وأمَّا الجمع بين الرَّحمن والرَّحيم ( فالرَّحمن: دالُّ على الصِّفة القائمة به ـ سبحانه ـ، والرَّحيم: دالُّ على تعلُّقها بالمرحوم، فكان الأوَّل للوصف، والثَّاني للفعل، فالأوَّل دالُّ على أنَّ الرَّحمة صفته، والثاني دالُّ على أنه يرحم خلقه برحمته. وإذا أردت هذا، فتأمل قوله: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [ الأحزاب : ٤٣ ] ﴿ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١١٧ ]، ولم يجئ قط رحمنٌ بهم، فَعُلم أنَّ "رحمن" هو الموصوف بالرَّحمة، "ورحيمٌ" هو الرَّاحم برحمته)(٢).
سورة الفاتحة
قال تعالى ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [ الفاتحة : ١ ].
... قال ابن عباس: " هما اسمان رقيقان أحدُهما أرقُّ من الآخر أي أكثر رحمة "(٣).
(٢) بدائع الفوائد لابن القيم ١/٢٤.
(٣) أخرجه البيهقي عن ابن عباس في الأسماء والصفات ١/١٣٩ وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره نحوه عن خالد بن صفوان التميمي ١/٢٨ وأورده البغوي في التفسير ١ / ٢ وابن كثير في تفسيره ١/٢٠، والعيني في عمدة القارئ ١٨/٧٩ والزبيدي في تاج العروس (رحم ) وابن منظور في لسان العرب ( رحم )
كما روى قوله (ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ، أوهمَّ بخطيئة ليس يحيى بن زكريا، عن عبد الله بن عباس(١)وعبد الله بن عمرو بن العاص(٢)
أو عن أبيه عمرو (٣) وأبي هريرة (٤) رضي الله عنهم جميعاً.
(٢) عبد الله بن عمرو بن العاص : ابن وائل السهمي، أبو محمد، وقيل : أبو عبد الرحمن، أحد السابقين المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة الفقهاء، توفي في ذي الحجة ليالي الحرة بالطائف. ينظر : تذكرة الحافظ ١/٤١، التقريب (٣٥٠٠ ).
(٣) عمرو بن العاص بن وائل السهمي، الصحابي المشهور، أسلم عام الحديبية وولي إمرة مصر مرتين، وهو الذي فتحها، توفي بمصر سنة نيف وأربعين، ينظر : السير( ٣/ ٥٤ )، التقريب (٥٠٥٣) وأخرجه عنه الطبري في تفسيره ٣/٢٥٥، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/٤٠٤ موقوفاً على عمرو بن العاص، وقال عنه : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، والبزار(٢٣٦٠ ) من طرق عن يحي. وزاد الحاكم والطبري ( قال : ثم دلَّى رسول الله يده إلى الأرض فأخذا عويداً صغيراً ) ثم قال: " وذلك أنه لم يكن له ما للرجال إلا مثل هذا العود، وبذلك سماه الله ( سيداً وحصوراً ) وفي هذه الزيادة بيان لمعنى ( الحصور) وهو الممتنع عن إتيان النساء، ولكن هنا يرد سؤال مهم، وهو كيف يكون كذلك ( كما ورد في الحديث ) والآية في مقام المدح، وبما أن البحث ليس هنا مجال لاستقصائه، أرى - والله أعلم - أن الآلوسي في روح المعاني ٣/١٤٨، قد أجاد في الجمع، وينظر : فتح القدير ١/٤٢٨.
(٤) أخرجه عنه ابن أبى حاتم بنحوه في تفسيره ٢/٢٤٨، ت : حكمت بشير ياسين، وابن عدي في الكامل ٢/٢٣٤.
قال الزجاج :" والمعنى : وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده وذلك أنه ذكر أن رجلاً قال : إذا توفي محمدٌ تزوجت امرأته فلانة،(١) فأعلم الله أن ذلك محرم بقوله: ﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾ أي كان ذنبا عظيماً(٢).
وأما عن ترتيب الكبائر فثابت في الكتاب والسنة(٣) وأما عن ضابط الكبائر.
فأقول - والله أعلم ـ إنه لا قول الحسين ولا ما ذكرت من أقوال في الكبيرة يضبطها ضبطاً تاماً بحيث لا تخرج كبيرة عن قول كل قائل فيها، إذ كيف يطمع فيما لا مطمع في ضبطه.
قال الواحدي وغيره :" والصحيح أنه ليس لها حدّ يعرفه العباد وتتميّز به من الصغائر تميز إشارة، ولو عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن الله- تعالى - يعلم ذلك وأخفاه عن العباد، ليجتهد كل أحد في اجتناب ما نُهي عنه رجاء أن يكون مجتنب الكبائر.
ونظير هذا في الشريعة إخفاء الصلاة الوسطى في الصلوات، وليلة القدر في ليالي رمضان، وساعة الإجابة في ساعات الجمعة ". (٤)
قال الشنقيطي في الأضواء :( والظاهر عندي في ضابط الكبيرة أنها كل ذنب اقترن بما يدل على أنه أعظم من مطلق المعصية، سواء كان ذلك الوعيد عليه بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب أو كان وجوب الحد فيه أو غير ذلك مما يدل على تغليظ لتحريم وتوكيده ) (٥).
ولعل الأمر هيِّناً في مثل تلك الأقوال التي قيلت، فقد ذُكرت على سبيل الوصف لا الضبط التام - والله أعلم -.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤/٣٥ وينظر : تفسير ابن كثير ٣/٥٠٦.
(٣) ينظر : الاستقامة لابن تيمية ص: ٤٦٨.
(٤) البسيط ص: ٢٢٣، ت : محمد المحيميد، ج : الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(٥) ٧/١٩٩/٢٠٠.
وهذا القول نسبه ابن عطية وابن الجوزي (١) للجمهور (٢) واختاره الزجاج (٣) وابن جرير (٤) ومال إليه ابن عطية (٥)، وذكر البغوي أنه قول السلف مثل عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وسعيد بن المسيب، وجماعة من المفسرين. (٦)
وذهب إليه الإمام محمد بن عبد الوهاب (٧) في كتابه التوحيد (٨).
القول الثاني: أن المقصود هو ذرية آدم عليه السلام.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢/٤٨٦ وزاد المسير ٣/٣٠٣.
(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢/٣٩٦
(٤) ينظر : تفسيره ٩/١٧٦.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢/٤٨٧.
(٦) ينظر : تفسيره ٢/١٨٢.
(٧) محمد بن عبد الوهاب : محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي النجدي، أبو عبد الله، الإمام المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في القرن الثاني عشر، له عدة مؤلفات، منها : التوحيد، كشف الشبهات، وغيرهما، توفي سنة ( ١٢٠٦ هـ ) ينظر : علماء نجد لابن بسام ( ١/١٢٥ )، الأعلام للزركلي ( ٦/٢٥٧ ).
(٨) ينظر : فتح المجيد ص : ٤٤٥ وقرة عيون الموحدين ص : ٢١٩ للشيخ عبد الرحمن بن حسن شرح (كتاب التوحيد ) للإمام محمد بن عبد الوهاب، وحاشية ( كتاب التوحيد )، للشيخ عبد الرحمن بن قاسم، ص : ٣٣٥.
نوهت هذه الآية بقدر أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ولا يخفى ما لأبي بكر - رضي الله عنه - من فضائل عظيمة(١)
قال الإمام أحمد :" وخير هذه الأمة بعد نبيِّها أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله - ﷺ - لم يختلفوا في ذلك... ونذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما( كنَّا نعد ورسول الله حيٌّ وأصحابه متوافرون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان(٢)..)(٣)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" وقد اتفق عامة أهل السنة من العلماء والعباد والأمراء، والأجناد، على أن يقولوا : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ودلائل ذلك وفضائل الصحابة كثير " (٤)
(٢) صحيح البخاري كتاب ( فضائل الصحابة ) باب فضل أبى بكر بعد النبي - ﷺ -، ح : ٣٦٥٥ ص: ٦١٣ ولفظ البخاري ( كنا نُخيَّر بين الناس في زمان رسول الله - ﷺ - فَنُخَيَِّر أبا بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم ).
(٣) أصول السنة ص : ٣٥/٣٦/٣٨.
(٤) الفتاوى ٣/٤٠٦.
وفي هذه تسلية للنبي عليه صلوات الله وسلامه، بأنه تعالى قادرُّ بأن يضطر الناس كلهم إلى الإيمان ويكرههم عليه، ولكنه لمصلحة عظمى اقتضتها حكمته البالغة لم يؤمن إلا من سبقت له السعادة في الكتاب الأول ولم يضل إلا من سبقت له الشقاوة.
وعلى هذا فتفسير الحسين ـ رحمه الله ـ لهذه الآية تفسير صحيح مستقيم.
وجاءت الآية بصيغة( لعل ) تسهيلاً للأمر ورفقاً وبياناً لأن حصول أحدهما طريق إلى حصول المقصود، فلا يطلبان جميعاً في الابتداء(١)والذي تطمئن إليه النفس، ألا تُخرج ( لعلّ ) عن معناها وتترك لتعمل على بابها ولا مانع من ذلك مع توجيه التوقع إلى البشر، كما قال سيبويه وغيره والله أعلم.
ثم إنه لا يجوز العدول عن ظاهر القرآن إلا بدليل يجب الرجوع إليه وهذه قاعدة يُستند إليها في الترجيح، إذ الأصل في نصوص القرآن أن تحمل على ظواهرها، وتفسر على حسب ما يقتضيه ظاهر اللفظ ولا يجوز أن يُعدل بألفاظ الوحي من ظاهرها إلا بدليل واضح يجب الرجوع إليه(٢)قال تعالى ﴿ "uچtƒur الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي tAح"Ré& إِلَيْكَ مِنْ y٧خn/' هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى إق¨uژإہ الْعَزِيزِ د‰‹دJutù:$# ﴾ [ سبأ : ٦ ] وقال :﴿ `yJsùr& قOn=÷ètƒ !$yJ¯Rr& tAح"Ré& y٧ّ‹s٩خ) `دB y٧خn/
' '،utù:$# ô`yJx. uqèd #'yJôمr& $oے©Vخ) مچھ.x‹tGtƒ (#qن٩'ré& ة="t٦ّ٩F{$# ﴾
[الرعد : ١٩ ].ذلك المدح، لأن ظواهره تدل على مراد الشارع منه.
وقرّر الطبري تلك القاعدة بقوله: " وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته"(٣)وقال : الزركشي :" وكل لفظ احتمل معنيين فهو قسمان :
أحدهما : أن يكون أحدهما أظهر من الآخر، فيجب الحمل على الظاهر إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفيُّ دون الجليِّ فيحمل عليه ".(٤)
(٢) ينظر في هذه القاعدة وتفاصيلها : قواعد الترجيح ١/١٣٧-١٤٦.
(٣) تفسيره ١/٢٩٩.
(٤) البرهان ٢/١٦٦/١٦٧.
ثم إنه قيل: إنَّ هذه القصة لا تصح ؛ لأنَّ النبي - ﷺ - كان أفصحَ العرب وأنطقهم لساناً وأحضرهم جواباً كما وصف نفسه فلا يجوز أن يسكت على مثل هذا السؤال وقيل بل كان سكوته للاستخفاف؛ لأنه سئل سؤالاً محالاً فقال ﴿ ِNà٦¯Rخ) $tBur ڑcrك‰ç٧÷ès؟ ﴾(١)ولم يقل ( من ) تعبدون، وقيل غير ذلك(٢).
وفي نفس الأمر لو حكمت القاعدة التفسيرية التي تنصّ على أنه في تفسير القرآن بمقتضى اللغة يراعي المعنى الأغلب والأشهر والأفصح دون الشاذ أو القليل.(٣)
أكّد ذلك الطبري بقوله :".. وتوجيه معاني كتاب الله عزّ وجلّ إلى الظاهر المستعمل في الناس أولى من توجيهها إلى الخفي القليل في الاستعمال.. "(٤)
وقال في موضع آخر".. والتأويل في القرآن على الأغلب الظاهر من معروف كلام العرب المستعمل فيهم "(٥).
ولذا فإن قول الحسين انبنى على قاعدة أصيلة ينبغي أخذها بالاعتبار.
واختياره أن الأوثان هي المرادة دون عيسى أو عزير أو الملائكة عليهم السلام يؤيده ويقويه أن الخطاب كان لأهل مكة وهم عبدة أوثان ولم يكونوا أهل كتاب.
(٢) ينظر : تفسير البيضاوي وحاشيته لشيخ زاده ٦/٧٤/٧٥، وروح المعاني ١٧/٩٤.
(٣) ينظر القاعدة وما يتعلق بها : قواعد التفسير ١/٢٣١ -٢١٥ يراجع : قواعد الترجيح ٢/٦٤٥-٦٥١.
(٤) تفسيره ٣/٢٦٥.
(٥) تفسيره ٣/٢٦٩.
وتقدم في أول سورة التوبة معنى النسخ، عند السلف وعند المتأخرين فإذا حُمل النسخ هنا على المعروف عند السلف، كان المراد ـ والله أعلم ـ
التقييد، ففي آية ( ص ) نفى أن يكون يسألهم، وفي آية الشورى سألهم المودة في القربى، فهي مقيدة للإطلاق الذي في الآية الأولى.
أما إذا كان مقصده ( بالنسخ ) المعنى المعروف عند المتأخرين : فللمفسرين فيها أقوال(١):
الأول : أن الاستثناء في الآية متصل أي من الجنس فعلى هذا يكون سائلاً أجراً،
وقيل نُسخت بقوله ﴿ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ﴾ [ سبأ: ٤٧](٢).
وقال عن هذا النسخ الشنقيطي ـ رحمه الله ـ: " ضعيف والعلم عند الله تعالى "(٣).
وقيل منسوخة بقوله :﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ﴾ [ ص : ٨٦](٤)والى هذا ذهب الحسين بن الفضل.
والثاني: أنه استثناء من غير الأول ـ منقطع ـ لأنَّ الأنبياء لا يسألون على تبليغهم أجراً.
(٢) ينظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص : ٢٢٠، ورواه عن ابن عباس النحاس في الناسخ والمنسوخ ص : ٦٥٦ وذكره مكي في الإيضاح : ص : ٤٠٥ وابن البارزي نواسخ القرآن ومنسوخه ص : ٤٨، والمقري في الناسخ والمنسوخ ص : ١٥٦ ولم ينسباه.
(٣) دفع إيهام الاضطراب ص : ١٩٣.
(٤) ينظر: الناسخ والمنسوخ للكرمي ص : ١٨٣.
وقد أوضح الله تعالى في آيات من كتابه معنى هذه الآية في سورة النجم كقوله تعالى ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ ِ/ن٣إ،àےR{ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ الإسراء : ٧ ] وقوله ﴿ مَنْ عَمِلَ $[sد="|¹ ¾دmإ، ّےuZد=sù وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [ فصلت : ٤٦ ] وقوله ﴿ مَنْ uچxےx. فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ $[sد="|¹ ِNخkإ¦àےRL|sù يَمْهَدُونَ ﴾ [ الروم : ٤٤ ]
ثم إن آية النجم السابقة دلّت على أن الإنسان لا يستحق أجراً إلا على سعيه بنفسه، ولم تتعرض هذه الآية لانتفاعه بسعي غيره بنفي ولا إثبات ؛ لأن قوله: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ قد دلّت اللام فيه على أنه لا يستحق ولا يملك شيئاً إلا بسعيه، ولم تتعرض لنفي الانتفاع بما ليس ملكاً له ولا مستحقاً له(١)كما أنه ليس للإنسان من المال إلا ما هو في ملكه وتحت يده، ولا يلزم من ذلك، أن لا يملك ما وهبه له الغير من ماله الذي يملكه(٢).
وقال ابن عطية ( والتحرير عندي في هذه الآية أن ملاك المعنى هو في اللام من قوله ( للإنسان ) فإذا حققت الشيء الذي هو حق الإنسان يقول فيه لي كذا لم يجده إلا سعيه، وما بعده من رحمة ثم شفاعة أو رعاية أب صالح أو ابن صالح أو تضعيف حسنات أو تغمد بفضل ورحمة دون هذا كله فليس هو للإنسان ولا يسعه أن يقول لي كذا إلا على تجوز وإلحاق بما هو له حقيقة "(٣)
وأجاب الشوكاني بأن الآية عموم مخصوص بمثل قوله تعالى :﴿ $uZّ)utù:r& ِNخkح٥ ِNهkyJƒحh'èŒ ﴾ [ الطور : ٢١ ] وبمثل ما ورد في شفاعة الأنبياء والملائكة للعباد ومشروعية دعاء الأحياء للأموات ونحو ذلك، وأن كل ما قام الدليل عليه من أن الإنسان ينتفع به وهو من غير سعيه كان مخصصاً لما في هذه الآية من العموم. (٤)
(٢) تفسير السعدي ص : ٨٢٢.
(٣) المحرر الوجيز ٥/٢٠٦/٢٠٧.
(٤) ينظر : فتح القدير ٥/١٤٢
٩٤... ﴿ ںxّٹs٣دj٩ (#ِqy™ù's؟ ٤'n؟tم $tB ِNن٣s؟$sù ںwur (#qمmuچّےs؟ !$yJخ/ ِNà٦٩s؟#uن ھ!$#ur ںw =دtن† ¨@ن. ٥A$tFّƒèرحمه الله ﷺ'qم‚sù ﴾ حمد الله المؤمنين بهذه الآية على مضض الصبر على الفائت وترك الفرح بالآتي والرضا بقضائه تعالى في الحالين جميعاً.... ٣٨٣
٩٥... إن الله سبحانه خلق الخلق ثم كفروا وآمنو، قالوا وتمام الكلام عند قوله ﴿ uqèd "د%©!$# ِ/ن٣s)n=s{ ﴾ ثم وصفهم ﴿ ِ/ن٣ZدJsù ضچدù%ں٢ /ن٣ZدBur ض`دB÷s-B ﴾ وهو مثل قوله ﴿ ھ!$#ur t،n=yz ¨@ن. ٧p/!#yٹ `دiB &ن!$¨B Nهk÷]دJsù `¨B سإ´ôJtƒ ٤'n؟tم ¾دmدZôـt/ ﴾ الآية. قالوا: فالله خلقهم والمشي فعلهم.... ٣٨٥
٩٦... ﴿ `tBur ب،Gtƒ ©!$# ﴾ في أداء الفراض ﴿ @yèّgs† ¼م&©! %[`uچّƒxرحمه الله ﴾ من العقوبة ويرزقه الثواب من حيث لا يحتسب.... ٣٨٨
٩٧... ؟ ﴿ $¯Rخ) 'إ+ù=مZy™ y٧ّ‹n=tم Zwِqs% ¸x‹ة)rO ﴾ معناها إنا سنلقي عليك قولاً خفيفاً على اللسان ثقيلاً في الميزان.... ٣٩٠
٩٨... ﴿ $tBur !$uZù=yèy_ |="utُ¾r& ح'$¨Z٩$# wخ) Zps٣ح´¯"n=tB $tBur $uZù=yèy_ ِNهksE£‰دم wخ) ZpuZ÷Fدù tûïد%©#دj٩ (#rمچxےx.... ﴾ هذه السورة مكية، ولم يكن بمكة نفاق ألبته، فالمرض في هذه الآية الخلاف لا النفاق.... ٣٩٢
٩٩... ﴿ tbqكJدèôـمƒur tP$yè©ـ٩$# ٤'n؟tم ¾دmخm٧مm ﴾ على حبِّ إطعام الطعام.... ٣٩٤
١٠٠... ﴿ Hxx. ِNهk®Xخ) `tم ِNخkحh٥
' ٧‹ح´tBِqtƒ tbqç/qàfَspR°Q ﴾
كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته.... ٣٩٦١٠١... ﴿ ٧‰دd$x©ur ٧ٹqهkôtBur ﴾ (الشاهد: هذه الأمة، والمشهود: سائر الأمم بيانه: قوله سبحانه ﴿ y٧د٩¨x‹x.ur ِNن٣"sYù=yèy_ Zp¨Bé& $Vـy™ur (#qçRqà٦tGدj٩ uن!#y‰pkà 'n؟tم ؤ¨$¨Y٩$# ﴾.... ٣٩٩
١٠٢... ﴿ ئىّے¤±٩$#ur حچّ؟uqّ٩$#ur ﴾ الشفع: درجات الجنة، لأنها ثمان، والوتر دركات النار، لأنها سبع، كأنّ الله تعالى أقسم بالجنة والنار.... ٤٠١
١٠٣... ﴿ $uZ÷è|تurur y٧Ztم x٨u'ّ-حr ﴾ يعني الخطأ والسهو.... ٤٠٤
١٢٧ ــ جمهرة الأمثال : أبو هلال العسكري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطايش، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، ط الأولى ــ ١٤٢٤ هـ.
١٢٨ ــ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح : تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني، تحقيق : د. علي بن حسن بن ناصر، د. عبد العزيز بن إبراهيم العسكر، د. حمدان بن محمد الحمدان، دار العاصمة، الرياض، ط الثانية – ١٤١٩ هـ.
١٢٩ ــ الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي : محمد بن أبي بكر(ا بن قيم الجوزية )، تحقيق : سعيد محمد اللحام، مكتبة المعارف، الرياض، ط الأولى – ١٤٠٧ هـ.
١٣٠ ــ حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر (ابن قيم الجوزية )، تحقيق : يوسف علي بديوي، دار ابن كثير، دمشق، ط الأولى ـ ١٤١١ هـ.
١٣١ ــ حاشية الشهاب المسماة عناية القاضي وكفاية الراضي على تفسير البيضاوي : شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي، ضبطه وخرج آياته وأحاديثه : عبد الرزاق المهدي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط الأولى-١٤١٧هـ.
١٣٢ ــ حاشية كتاب التوحيد : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي الحنبلي، ط الثالثة – ١٤٠٨ هـ.
١٣٣ ــ حاشية محي الدين شيخ زاده على تفسير البيضاوي : محمد بن مصلح الدين القوجوي الحنفي، تحقيق : محمد عبد القادر شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط الأولى – ١٤١٩ هـ.
١٣٤ ــ حجة القراءات : أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، تحقيق : سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، ط الخامسة – ١٤١٨ هـ.
١٣٥ ــ الحجة في القراءات السبع : الحسين بن أحمد بن خالوية، تحقيق : د. عبد العال سالم مكرم، دار الشروق، بيروت، ط الرابعة -١٤٠١ هـ.
١٣٦ ــ الخصائص : أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق : محمد علي النجار، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، ط الأولى – ١٣٧٦ هـ.
فهرس أقوال الحسين رحمه الله:................................................................. ٤٤٣
فهرس الآثار:........................................................................................... ٤٥٥
فهرس الأعلام:....................................................................................... ٤٥٩
فهرس المصادر:....................................................................................... ٤٨٧
فهرس المحتويات:..................................................................................... ٥٢٣