خوض غمار تفسير القرآن الكريم به كمفتاح للمفسرين فمثله من هذا الناحية كمثل علوم الحديث بالنسبة لمن أراد أن يدرس علم الحديث.
وقد صرح السيوطي بذلك في خطبة كتابه الإتقان إذ قال: ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتابا في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث اهـ.
ثم رأيت صاحب كتاب التبيان في علوم القرآن يشير إلى ذلك المعنى إذ وضع على طرة كتابه الكلمة الآتية:
وهذا هو المقدمة الصغرى من مقدمتي التفسير.
هذا وإنما سمي هذا العلم القرآن بالجمع دون الإفراد. للإشارة إلى أنه خلاصة علوم متنوعة باعتبار أن مباحثه المدونة تتصل اتصالا وثيقا كما علمت بالعلوم الدينية والعلوم العربية حتى إنك لتجد كل مبحث منها خليقا أن يسلك في عداد مسائل علم من تلك العلوم.
فنسبته إليها كنسبة الفرع إلى أصوله أو الدليل إلى مدلوله. وما أشبهه بباقة منسقة من الورود والياسمين إزاء بستان حافل بالوان الزهور والرياحين. والحمد لله رب العالمين.
المبحث الثاني: في تاريخ علوم القرآن وظهور اصطلاحه
عهد ما قبل التدوين
كان الرسول ﷺ وأصحابه يعرفون عن القرآن وعلومه ما عرف العلماء وفوق ما عرف العلماء من بعد. ولكن معارفهم لم توضع على ذلك العهد كفنون مدونة ولم تجمع في كتب مؤلفة لأنهم لم تكن لهم حاجة إلى التدوين والتأليف.